أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة الواحدة والثمانـون في موضـــــــــــــوع الغنـــــــــــي المغنـــــــــــي
نبذة عن الصوت
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الواحدة والثمانون في موضوع (الغني المغني) من اسماء الله الحسنى وصفاته وهي بعنوان : *أثر الغنى في النّفقة الواجبة للزّوجة :
ذهب الفقهاء إلى أنّ النّفقة الواجبة للزّوجة تختلف باليسار والإعسار، والأصل في هذا قول اللّه تعالى: {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ} وقوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ}.
وقد قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم لهند امرأة أبي سفيان: «خذي من ماله ما يكفيك وولدك بالمعروف».
لكنّ الفقهاء يختلفون: هل العبرة في الإنفاق بيسار الزّوج فقط، أم العبرة بيسار الزّوج والزّوجة معاً ؟
فعند المالكيّة والحنابلة والخصّاف من الحنفيّة تكون العبرة في النّفقة بحال الزّوج
والزّوجة معاً في اليسار والإعسار، ودليلهم قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم لهند: «خذي من ماله ما يكفيك وولدك بالمعروف»، فاعتبر حالها، فإنّ النّفقة تجب بطريق الكفاية، والفقيرة لا تفتقر إلى كفاية الموسرات، فلا معنى للزّيادة.
وذهب الشّافعيّة والكرخيّ من الحنفيّة إلى أنّ العبرة في النّفقة تكون بحال الزّوج، لقوله تعالى {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ} ففرّق بين الموسر والمعسر.
واليسار المعتبر في النّفقة الواجبة للزّوجة هو القدرة على النّفقة بالمال أو
بالكسب. وفي ذلك تفصيل ينظر في (نفقة).
*اعتبار الغنى في نفقة الأقارب :
ذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى اشتراط الغنى واليسار فيمن تجب عليه نفقة الأقارب، واستثنى الحنفيّة الأب في وجوب نفقة أولاده الصّغار الفقراء عليه، فقالوا: تجب نفقتهم عليه وإن كان معسراً ما دام قادراً على الكسب.
وحدّ الغنى عند الحنفيّة ملك نصاب الزّكاة زائداً عن حاجته الأصليّة وحاجات عياله في قول أبي يوسف، وقال محمّد: إذا كان له نفقة شهر وعنده فضل عن نفقة شهر له ولعياله، أجبر على نفقة ذي الرّحم المحرم، وأمّا من لا شيء له وهو يكتسب كلّ يوم درهماً ويكتفي منه بجزء منه، فإنّه يرفع لنفسه ولعياله ما يتّسع به، وينفق فضله على من تجب نفقته عليه، وقول محمّد هو الأوفق كما قال الكاسانيّ.
وأطلق المالكيّة اشتراط اليسار دون تحديد، ونصّوا على أنّه لا يجب على الولد المعسر لوالديه تكسّب لينفق عليهما ولو قدر على التّكسّب.
وذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أنّه لا تجب نفقة القريب إلاّ على موسر أو مكتسب يفضل عن حاجته ما ينفق على قريبه، وأمّا من لا يفضل عن نفقته شيء فلا تجب عليه، لما روى جابر رضي الله عنه أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: «إذا كان أحدكم فقيراً فليبدأ بنفسه، فإن كان فيها فضل فعلى عياله، فإن كان فيها فضل فعلى ذي قرابته» فإن لم يكن فضل غير ما ينفق على زوجته لم يلزمه نفقة القريب، لحديث جابر رضي الله عنه ؛ ولأنّ نفقة القريب مواساة ونفقة الزّوجة عوض، فقدّمت على المواساة ؛ ولأنّ نفقة الزّوجة تجب لحاجته فقدّمت على نفقة القريب، كنفقة نفسه.
وقالوا إنّه يلزم كسوباً - إذا لم يكن له مال- كسبها في الأصحّ، لقوله صلى الله
عليه وسلم: «كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمّن يملك قوته» ولأنّ القدرة بالكسب كالقدرة بالمال.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .