أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة الواحدة والخمسـون بعد المائتـــــان في موضــــــــوع المقـــدم المؤخـــــــــر
نبذة عن الصوت
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الواحدة و الخمسون بعد المائتين في موضوع (المقدم المؤخر) وهي بعنوان:
* حول عصمة الأنبياء ، وتفسير قوله تعالى :" ليغفر لك الله ما تقدم
من ذنبك وما تأخر ":
قال ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" (10/129) :
" قال غير الطبرى: وقد اختلف العلماء فى الذنوب هل تجوز على الأنبياء؟ فذهب أكثر العلماء إلى أنه لا تجوز عليهم الكبائر لعصمتهم ، وتجوز عليهم الصغائر .
وذهبت المعتزلة إلى أنه لا تجوز عليهم الصغائر، كما لا تجوز عليهم الكبائر ، وتأولوا قوله تعالى: ( لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ )
الفتح/2 ، فقالوا: إنما غفر له تعالى ما يقع منه من سهو وغفلةٍ ، واجتهاد فى فعل خير لا يوافق به حقيقة ما عند ربه ، فهذا هو الذى غفر له ، وسمّاه: ذنبًا ؛ لأن صفته صفة الذنب المنهى عنه ، إلا أن ذلك تعمد ، وهذا بغير قصد .
هذا تأويل بعيد من الصواب ، وذلك أنه لو كان السهو والغفلة ذنوبًا للأنبياء، يجب عليهم الاستغفار منها ؛ لكانوا أسوأ حالاً من سائر الناس غيرهم ؛ لأنه قد وردت السنة المجمع عليها أنه لا يؤاخذ العباد بالخطأ والنسيان، فلا يحتاجون إلى الاستغفار من ذلك ، وما لم يوجب عليهم الاستغفار، فلا يسمى عند العرب ذنبًا . فالنبى صلى الله عليه وسلم المخبر لنا بذلك عن
ربه، أولى بأن يدخل مع أمته فى معنى ذلك ، ولا يلزمه حكم السهو والخطأ .
وإنما يقع استغفاره صلى الله عليه وسلم كفارة للصغائر الجائزة عليه ، وهى التى سأل الله غفرانها له بقوله: (اغفر لى ما قدمت وما أخرت)" . انتهى.
وقال الشيخ الشنقيطي في "أضواء البيان" (4/119) :" الَّذِي يَظْهَرُ لَنَا أَنَّهُ الصَّوَابُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ: لَمْ يَقَعْ مِنْهُمْ مَا يُزْرِي بِمَرَاتِبِهِمُ الْعَلِيَّةِ ، وَمَنَاصِبِهِمُ السَّامِيَةِ ، وَلَا يَسْتَوْجِبُ خَطَأً مِنْهُمْ ، وَلَا نَقْصًا فِيهِمْ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ، وَلَوْ فَرَضْنَا أَنَّهُ وَقَعَ مِنْهُمْ بَعْضُ الذُّنُوبِ لِأَنَّهُمْ يَتَدَارَكُونَ مَا وَقَعَ مِنْهُمْ بِالتَّوْبَةِ ، وَالْإِخْلَاصِ ، وَصِدْقِ الْإِنَابَةِ إِلَى اللَّهِ، حَتَّى يَنَالُوا بِذَلِكَ أَعْلَى دَرَجَاتِهِمْ فَتَكُونُ بِذَلِكَ دَرَجَاتُهُمْ أَعْلَى مِنْ دَرَجَةِ مَنْ لَمْ يَرْتَكِبْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ .
وَمِمَّا يُوَضِّحُ هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى * ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى )؛ فَانْظُرْ أَيَّ أَثَرٍ يَبْقَى لِلْعِصْيَانِ وَالْغَيِّ بَعْدَ تَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ ، وَاجْتِبَائِهِ أَيِ: اصْطِفَائِهِ إِيَّاهُ ، وَهِدَايَتِهِ لَهُ .
وَلَا شَكَّ أَنَّ بَعْضَ الزَّلَّاتِ: يَنَالُ صَاحِبُهَا بِالتَّوْبَةِ مِنْهَا ، دَرَجَةً أَعْلَى مِنْ
دَرَجَتِهِ قَبْلَ ارْتِكَابِ تِلْكَ الزَّلَّةِ. وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى " انتهى .
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .