أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة التسعــــــــون بعد المائــة في موضــــــــوع المقـــدم المؤخـــــــــر

نبذة عن الصوت

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :فهذه الحلقة التسعون بعد المائة في موضوع (المقدم المؤخر ) وهي بعنوان : 

* أسرار البيان في التعبير القرآني (التقديم والتأخير) :

وقد خرج عن هذه القاعدة مواضع اقتضت الحكمةُ فيها تقديم ذكر العذاب

 ترهيباً وزجراً. من ذلك قوله تعالى في سورة المائدة: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الله لَهُ مُلْكُ السماوات والأرض يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ والله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [المائدة: 40] لأنها وردت في سياق ذِكْرِ قُطَّاع الطرق والمحاربين والسراق فكان المناسب تقديم ذكر العذاب وذلك أنها وردت بعد وقوله تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذلك كَتَبْنَا على بني إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرض فَكَأَنَّمَا قَتَلَ الناس جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً} [المائدة: 32] فقدم القتل على الإحياء، وثم قال بعدها: {إِنَّمَا جَزَآءُ الذين يُحَارِبُونَ الله وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأرض فَسَاداً أَن يقتلوا أَوْ يصلبوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأرض ذلك لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدنيا وَلَهُمْ فِي الآخرة عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: 33] ، ثم جاء بعدها: {والسارق والسارقة فاقطعوا أَيْدِيَهُمَا جَزَآءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ الله والله عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة: 38] ، ثم جاء بعدها قوله تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الله لَهُ مُلْكُ السماوات والأرض يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ والله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [المائدة: 40] .

فأنت ترى أن المناسب ههنا تقديم العذاب على المغفرة. جاء في (الكشاف) في قوله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] إلى قوله: {يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ} [المائدة: 40] ."فإن قلت: لِمَ قدم التعذيب عن المغفرة؟

قلت: لأنه قُوبل بذلك تَقدُّمُ السرقةِ على التوبة".

ومن ذلك قوله تعالى في سورة العنكبوت: {يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَيَرْحَمُ مَن يَشَآءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ} [العنكبوت: 21] وذلك لأنها في سياق إنذار إبراهيم لقومه ومخاطبة نمورد وأصحابه وأن العذاب وقع بهم في الدنيا. فقد أنذر إبراهيم قومه قائلاً: {إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله أَوْثَاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ الذين تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله لاَ يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فابتغوا عِندَ الله الرزق} [العنكبوت: 17] ثم قال: {وَإِن تُكَذِّبُواْ فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرسول إِلاَّ البلاغ المبين} [العنكبوت: 18] وهددهم بعد بقوله: {وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الأرض وَلاَ فِي السمآء وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ الله مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ * والذين كَفَرُواْ بِآيَاتِ الله وَلِقَآئِهِ أولائك يَئِسُواْ مِن رَّحْمَتِي وأولائك لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [العنكبوت: 22-23] فأنت ترى أن السياق يقتضي العذاب هنا.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .