أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة الواحدة والثمانـون بعد المائــة في موضــــــــوع المقـــدم المؤخـــــــــر

نبذة عن الصوت

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :فهذه الحلقة الواحدة والثمانون بعد المائة في موضوع (المقدم المؤخر ) وهي بعنوان : 

* أسرار البيان في التعبير القرآني (التقديم والتأخير) :

يمكننا تقسيم أحوال التقديم والتأخير إلى قسمين:

الأول: تقديم اللفظ على عامله نحو: (خالداً أعطيتُ) و: (بمحمدٍ اقتديتُ)

الثاني: تقديم الألفاظ بعضها على بعض في غير الامل وذلك نحو قوله

تعالى: {وَمَآ أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ الله} [البقرة: 173] ، وقوله: {وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ الله بِهِ}

[المائدة: 3] ومثل: (أَعرتُ خالداً كتابي) و: (أعرت كتابي خالداً) .

1- تقديم اللفظ على عامله:

ومن هذا الباب تقديم المفعول به على فعله، وتقديم الحال على فعله، وتقديم الظرف والجار والمجرور على فعلهما، وتقديم الخبر على المبتدأ ونحو ذلك. وهذا التقديم في الغالب يفيد الاختصاص فقولك: (أنجدت خالداً) يفيد أنك أنجدت خالداً ولا يفيد أنك خَصَصتَ خالداً بالنجدة بل يجوز أنك أنجدت غيره أو لم تنجد أحداً معه. فإذا قلت: (خالداً أنجدت) أفاد

ذلك أنك خصصت خالداً بالنجدة وأنك لم تنجد أحداً آخر.

ومثل هذا التقديم في القرآن كثير.

فمن ذلك قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهدنا الصراط المستقيم} [الفاتحة: 5-6] فقد قام المفعول به (إياك) على فعل العبادة وعلى فعل الاستعانة دون فعل الهداية فلم يقل: (إيانا اهد) كما قال في الأولين؛ وسبب ذلك أن العبادة والاستعانة مختصتان بالله تعالى، فلا يُعبَدُ أحدٌ غيره ولا يستعان به. وهذا نظير قوله تعالى: {بَلِ الله فاعبد وَكُن مِّنَ الشاكرين} [الزمر: 66] وقوله: {واشكروا للَّهِ إِن كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [البقرة: 172] فقدم المفعول به على فعل العبادة في الموضعين وذلك لأن العبادة مختصة بالله تعالى.

ومثل التقديم على فعل الاستعانة قوله تعالى: {وَعَلَى الله فَلْيَتَوَكَّلِ المتوكلون} [إبراهيم: 12] ، وقوله: {عَلَى الله تَوَكَّلْنَا} [الأعراف: 89] ، وقوله: {عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود: 88] فقدم الجار والمجرور للدلالة على الاختصاص وذلك لأن التوكل لا يكون إلا على الله وحده والإنابة

 ليست إلا إليه وحده. ولم يقدم مفعول الهداية على فعله فلم يقل: (إيانا اهد) كما قال: (إياك نعبد) وذلك لأن طلب الهداية لا يصح فيه الاختصاص إذ لا يصح أن تقول: اللهم اهدني وحدي ولا تَهْدِ أحداً غيري أو خصّني بالهداية من دون الناس. وهو كما تقول: اللهم ارزقني واشفني وعافني. فأنت تسأل لنفسك ذلك ولم تسأله أن يخصك وحدك بالرزق والشفاء والعافية فلا يرزق أحداً غيرك ولا يشفيه ولا يعافيه.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .