أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة التاسعة بعد المائــة في موضــــــــوع المقـــدم المؤخـــــــــر

نبذة عن الصوت

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :فهذه الحلقةالتاسعة بعد المائة في موضوع (المقدم المؤخر ) وهي بعنوان : وترى الفلك مواخر فيه:

فالكلام هنا على البحر وأنواعه وما أودع الله فيه من نعم. فلما كان الكلام على البحر قدم ضمير البحر على المخر فقال:{ وترى الفلك فيه مواخر}

فانظر كيف أنه لما كان الكلام على وسائط النقل والفلك قدم حالة الفلك ولما كان الكلام على البحر ذكر ما يتعلق به.

ولقد صرفنا في هذا القرآن:* ومن ذلك قوله تعالى :{ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (89)}(الإسراء)

وقوله :{ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآَنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ

أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا (54)}( الكهف)

قدم { للناس } على { في هذا القرآن } في الإسراء وأخّرها في الكهف وذلك لأنه تقدم الكلام في الإسراء على الإنسان ونعم الله عليه ورحمته به فقال: { وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا (83) ) إلى أن يقول { وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا (86) إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا (87) قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88)}،فناسب تقديم الناس في سورة الإسراء. ولم يتقدم مثل ذلك في سورة الكهف.

ثم انظر في افتتاح كل من السورتين فقد بدأ سورة الكهف بقوله :{ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (1) قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ (2)}،

فقد بدأ السورة بالكلام على الكتاب وهو القرآن ثم ذكر بعده أصحاب الكهف وذكر موسى والرجل الصالح وذكر ذا القرنين وغيرهم من الناس، فبدأ بذكر القرآن ثم ذكر الناس فكان المناسب أن يتقدم ذكر القرآن على الناس في هذه الآية كما في البدء.

وأما في سورة الإسراء فقد بدأت بالكلام على الناس ثم القرآن فقد بدأت بقوله تعالى: { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ (1) } ثم تكلم على بني إسرائيل ثم قال بعد ذلك: { إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9)} فكان المناسب أن يتقدم ذكر الناس فيها على ذكر القرآن في هذه الآية وهذا تناسب عجيب بين الآية ومفتتح السورة في الموضعين.ثم انظر خاتمة الآيتين فقد ختم آية الإسراء بقوله { فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (89)} والكفور هو حجد النعم فناسب ذلك تقدم ذكر النعمة والرحمة والفضل ألا ترى أن مقابل الشكر الكفران ومقابل الشاكر الكفور قال تعالى { إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3) }(الإنسان)  فكان ختام الآية مناسب لما تقدم من السياق.

أما آية الكهف فقد ختمها بقوله: { وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا (54)} لما ذكر قبلها وبعدها من المحاورات والجدل والمراء من مثل قوله تعالى: { فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ (34)} وقوله :{ قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ (37) ) وبعدها: { وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ ..(56)} وذكر محاورة موسى الرجل الصالح ومجادلته فيما كان يفعل. وقال : { فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا (22)}، ولم يرد لفظ الجدل ولا المحاورة في سورة الإسراء كلها. فما ألطف هذا التناسق وما أجمل هذا الكلام!.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .