أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة الواحدة والخمســون في موضــــــــوع المقـــدم المؤخـــــــــر

نبذة عن الصوت

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :فهذه الحلقة الواحدة والخمسون  في موضوع (المقدم المؤخر ) وهي بعنوان :

* الْقَوْلُ فِي التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ: وَيُمْكِنُ فِيهِ وُجُوهٌ أُخَرُ: الثَّانِي: بِالذَّاتِ:

كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَثْنَى وثلاث ورباع}. وَنَحْوِهِ {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ} وقوله: {سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم} وَكَذَلِكَ جَمِيعُ الْأَعْدَادِ كُلُّ مَرْتَبَةٍ هِيَ مُتَقَدِّمَةٌ عَلَى مَا فَوْقَهَا بِالذَّاتِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم} فَوَجْهُ تَقْدِيمِ الْمَثْنَى أَنَّ الْمَعْنَى حَثُّهُمْ عَلَى الْقِيَامِ بِالنَّصِيحَةِ لِلَّهِ وَتَرْكِ الْهَوَى مُجْتَمِعِينَ مُتَسَاوِيِينَ أَوْ مُنْفَرِدِينَ مُتَفَكِّرِينَ وَلَا

شَكَّ أَنَّ الْأَهَمَّ حَالَةُ الِاجْتِمَاعِ فَبَدَأَ بِهَا.

.الثَّالِثُ: بِالْعِلَّةِ وَالسَّبَبِيَّةِ:

كَتَقْدِيمِ (الْعَزِيزِ) عَلَى (الْحَكِيمِ) لِأَنَّهُ عَزَّ فَحَكَمَ وَتَقْدِيمِ (الْعَلِيمِ) عَلَى (الْحَكِيمِ) لأن الإتقان ناشئ عَنِ الْعِلْمِ وَكَذَا أَكْثَرُ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ تَقْدِيمِ وَصْفِ الْعِلْمِ عَلَى الْحِكْمَةِ: {قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إنك أنت العليم الحكيم}.

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قُدِّمَ وَصْفُ الْعِلْمِ هُنَا لِيَتَّصِلَ بِمَا يُنَاسِبُهُ وَهُوَ {لَا عِلْمَ

 لَنَا} وَفِي غَيْرِهِ مِنْ نَظَائِرِهِ لِأَنَّهُ صِفَاتُ ذَاتٍ فَيَكُونُ مِنَ الْقِسْمِ قَبْلَهُ.

وَمِنْهُ قَوْلُهُ: {إِيَّاكَ نعبد وإياك نستعين} قُدِّمَتِ الْعِبَادَةُ لِأَنَّهَا سَبَبُ حُصُولِ الْإِعَانَةِ.

وَقَوْلُهُ: {إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين} فَإِنَّ التَّوْبَةَ سَبَبُ الطَّهَارَةِ.

وَكَذَا: {وَيْلٌ لِكُلِّ أفاك أثيم} لِأَنَّ الْإِفْكَ سَبَبُ الْإِثْمِ.

وَكَذَا: {وَمَا يُكَذِّبُ به إلا كل معتد أثيم}.

وَقَوْلُهُ: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وأناسي كثيرا} قَدَّمَ إِحْيَاءَ الْأَرْضِ لِأَنَّهُ سَبَبُ إِحْيَاءِ الْأَنْعَامِ وَالْأَنَاسِيِّ وَقَدَّمَ إِحْيَاءَ الْأَنْعَامِ لِأَنَّهُ مِمَّا يَحْيَا بِهِ النَّاسُ بِأَكْلِ لُحُومِهَا وَشُرْبِ أَلْبَانِهَا.

وَكَذَا كُلُّ عِلَّةٍ مَعَ مَعْلُولِهَا كَقَوْلِهِ: {وَاعْلَمُوا أنما أموالكم وأولادكم فتنة}، قِيلَ: قُدِّمَ الْأَمْوَالُ مِنْ بَابِ تَقْدِيمِ السَّبَبِ فَإِنَّهُ إِنَّمَا شُرِعَ النِّكَاحُ عِنْدَ قُدْرَتِهِ عَلَى

 مؤونته فَهُوَ سَبَبٌ وَالتَّزْوِيجُ سَبَبٌ لِلتَّنَاسُلِ وَلِأَنَّ الْمَالَ سَبَبٌ لِلتَّنْعِيمِ بِالْوَلَدِ وَفَقْدَهُ سَبَبٌ لِشَقَائِهِ.

وَكَذَا تقديم البنات عَلَى الْبَنِينَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ من الذهب والفضة} وَأَخَّرَ ذِكْرَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ عَنِ النِّسَاءِ وَالْبَنِينِ لِأَنَّهُمَا أَقْوَى فِي الشَّهْوَةِ الْجِبِلِّيَّةِ مِنَ الْمَالِ فَإِنَّ الطَّبْعَ يَحُثُّ عَلَى بَذْلِ الْمَالِ فَيَحْصُلُ النِّكَاحُ وَالنِّسَاءُ أَقْعَدُ مِنَ الْأَوْلَادِ فِي الشَّهْوَةِ الْجِبِلِّيَّةِ وَالْبَنُونَ أَقْعَدُ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالذَّهَبُ أَقْعَدُ مِنَ الْفِضَّةِ وَالْفِضَّةُ أَقْعَدُ مِنَ الْأَنْعَامِ إِذْ هِيَ وَسِيلَةٌ إِلَى تَحْصِيلِ النِّعَمِ فَلَمَّا صُدِّرَتِ الْآيَةُ بِذِكْرِ الْحُبِّ وَكَانَ الْمَحْبُوبُ مُخْتَلِفَ الْمَرَاتِبِ اقْتَضَتْ حِكْمَةُ التَّرْتِيبِ أَنْ يُقَدَّمَ مَا هُوَ الْأَهَمُّ فَالْأَهَمُّ فِي رُتْبَةِ الْمَحْبُوبَاتِ.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .