أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة الثامنة والأربعـون في موضــــــــوع المقـــدم المؤخـــــــــر

نبذة عن الصوت

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :فهذه الحلقة الثامنة

والأربعون  في موضوع (المقدم المؤخر ) وهي بعنوان :

* الْقَوْلُ فِي التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ:                                           

وَمِنْهُ تَقْدِيمُ الْمَكَانِ عَلَى الزَّمَانِ فِي قَوْلِهِ: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وجعل الظلمات والنور} أَيِ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَقَوْلِهِ: {وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا

مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فلك يسبحون}.

وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُهِمَّةٌ قَلَّ مَنْ تَعَرَّضَ لَهَا أَعْنِي سَبْقَ الْمَكَانِ عَلَى الزَّمَانِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهَا الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ فِي أَوَّلِ تَارِيخِهِ وَاحْتَجَّ عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ وَخَلَقَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَكَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ وَلَا لَيْلَ وَلَا نَهَارَ إِذْ كَانَا إِنَّمَا هُمَا أَسْمَاءٌ لِسَاعَاتٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ قَطْعِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ (دَرَجَ الْفَلَكِ) وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ صَحِيحًا وَأَنَّهُ لَا شَمْسَ وَلَا قَمَرَ كَانَ مَعْلُومًا أَنَّهُ لَا لَيْلَ وَلَا نَهَارَ قَالَ: وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ- يَعْنِي فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ- صَرِيحٌ فِيهِ فَإِنَّ فِيهِ: «وَخَلَقَ (اللَّهُ) النُّورَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ» قَالَ: وَيَعْنِي بِهِ الشَّمْسَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَأَخُّرَ خَلْقِ الْأَيَّامِ عَنْ بَعْضِ الْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْخَبَرِ لَازِمٌ.

فَإِنْ قُلْتَ: الْحَدِيثُ كَالْمُصَرِّحِ بِخِلَافِهِ فَإِنَّهُ قَالَ خَلَقَ اللَّهُ التُّرْبَةَ يَوْمَ

السَّبْتِ حِينَ خَلَقَ الْبَرِّيَّةَ وَهِيَ أَوَّلُ الْمَخْلُوقَاتِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ خَلْقُ الْأَيَّامِ كُلِّهَا مُتَأَخِّرًا عَنْ ذَلِكَ.

قُلْتُ: قَدْ نَبَّهَ الطَّبَرِيُّ عَلَى جَوَابِ ذَلِكَ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّى أَسْمَاءَ الْأَيَّامِ قَبْلَ خَلْقِ التُّرْبَةِ وَخَلَقَ الْأَيَّامَ كُلَّهَا ثُمَّ قَدَّرَ كُلَّ يَوْمٍ مِقْدَارًا فَخَلَقَ التُّرْبَةَ فِي مِقْدَارِ يَوْمِ السَّبْتِ قَبْلَ خَلْقِهِ يَوْمَ السَّبْتِ وَكَذَا الْبَاقِي.

وَهَذَا وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الظَّاهِرِ لَكِنْ أَوْجَبَهُ مَا قَالَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ تأخير الْأَيَّامِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الدَّلِيلِ الْمُسْتَفَادِ مِنَ الْخَبَرَيْنِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الزَّمَانَ قِسْمَانِ تَحْقِيقِيٌّ وَتَقْدِيرِيٌّ وَالْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ التَّقْدِيرِيُّ.

وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ}، {مشارق الأرض ومغاربها}، وَلِذَلِكَ لَمَّا اسْتَغْنَى عَنْ أَحَدِهِمَا ذَكَرَ الْمَشْرِقَ فقد فقال:

 {ورب المشارق} {إنا زينا السماء الدنيا}.

وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ} وقوله: {وأنه هو أمات وأحيا} {وكنتم أمواتا فأحياكم}.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .