أسمـــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة الثانية عشرة بعد المائــــــــــــتين في موضـــــــــــــوع القوي
نبذة عن الصوت
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثانية عشرة بعد المائتين في موضوع (القوي ) وهي بعنوان :* كيف نتخلص من الوهن ؟ :
3. الاستعانة بالله _تعالى_والشعور بمعيته:
ومن يستعين بالله _تعالى_ ويتوكل عليه في دعوته، ويشعر بمعيته وتأييده ليثبت مثل ثبوت الجبال الشامخات ولا يتزلزل أمام بهرجة الباطل والشوكة الزائفة لأهله، وهو من ثمار الإيمان الصادق بالله _تعالى_ يقول _تعالى_: "اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" (البقرة:257)، وقال _تعالى_: "وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا"(الطور: من الآية48).
ومن كان بمعية الله مصحوباً، وكان بعين الله محفوظاً، فهو أهل لأن يتحمل المتاعب ويصبر على المكاره.
4. اليقين بحسن الجزاء:
فإن ما يحث المسلم على الدعوة إلى الله _تعالى_ ويثبته عليها، ويزيده رغبة فيها وحرصاً عليها أن يطمئن أنه مجزي عليها جزاءً مرضياً ومن هنا يشير القرآن الكريم أن المؤمنين ينتظرهم أحسن الجزاء من الله _تعالى_، وذلك حين يرجعون إليه ويقفون بين يديه فيعوضهم عن عملهم أكرم العوض ويمنحهم أعظم الأجر وأجزل المثوبة.
ولا نجد في القرآن شيئاً ضخم جزاؤه وعظيم أجره مثل الدعوة إلى الله والصبر عليها، فهو يتحدث عن هذا الأجر بأسلوب المدح والتضخيم، فيقول: " نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"(العنكبوت:59).
وهو يبين أن الصابرين إنما يجزون بأحسن ما عملوا، فضلاً من الله ونعمة: "مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" (النحل:96).
ولا شك أن يقين الإنسان المؤمن بحسن الجزاء وعظم الأجر عند الله _تعالى_ على البلية يخفف
مرارتها على النفس، ويهون من شدة وقعها على القلب، وكلما قوي اليقين ضعف الإحساس بألم المصيبة[ الصبر في القرآن الكريم للدكتور يوسف القرضاوي ص 95-96.]
5. اليقين بالفرج:
ومما يعين المسلم على العمل اليقين بأن نصر الله قريب وأن فرجه آت لا ريب فيه، وأن بعد الضيق سعة، وأن بعد العسر يسراً، وأن ما وعد الله به المؤمنين وما وعد به المبتلين من العوض والإخلاف لا بد أن يتحقق، فهذا اليقين جدير بأن يبدد ظلمة الوهن والقلق من النفس، ويطرد شبح اليأس من القلب، وأن يضيء الصدر بالأمل في الظفر، والثقة بالغد[ الصبر في القرآن الكريم ص 97-98.]
يقول الله _تعالى_: "فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرا ًإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً" (الشرح:6.5).
6. التحرر من عبودية غير الله:
الإنسان الذي يؤمن بأن الله هو المحيي والمميت، والنافع والضار، والمعطي والمانع، ويؤمن كذلك بأنه ليس للبشر مهما علا قدره وعظم شأنه أن يسوق إلى الإنسان ما أراد الله منعه أو يمنع عنه ما أراد الله أن يعطيه إياه مثل هذا الإنسان يتحرر من سيطرة الغير، قال _تعالى_: "وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَيَاةً وَلا نُشُوراً"(الفرقان: من الآية3).
فإيمان المسلم قوة عظمى يستعلي بها المؤمنين على كل قوى الأرض، وكل شهوات الدنيا، ويصبح حراً لا سلطان لأحدٍ عليه إلا لله، فلا يخاف إلا الله، ولا يذل إلا لله، ولا يطلب إلا من الله، ولا يأمل إلا في الله، ولا يتوكل إلا على الله، وإذا تعرضت حريته للخطر يدافع عنها ويستعد لأصعب المعارك لأجل الاحتفاظ بها.
7. الترفع عن الشهوات:
ولا شك أن الترفع عن الملذات والشهوات, والجهاد لأجل الخير والصلاح يعطي الداعية المسلم دافعاً
قوياً في استمرارية دعوته لمكافحة الشر، والتطلع إلى المزيد من الخير والأجر ومن كان هذا دافعه ومحركه في الوقوف أمام الأعداء لمؤهل للنصر _بإذن الله_، حيث إن حب الخير والعمل له يجعل الإنسان لا يشبع منه يطلب المزيد ولا يتطرق الوهن إليه أبداً، ذلك أن التقلب في الترف والإغراق في النعيم يعد من أعظم الشواغل والقواطع التي تشغل صاحبها عن طلب الكمال وتقطع عليه طريق المجد والسؤدد، ثم إن الإغراق في النعيم ينبت في نفس صاحبه أخلاقاً مرذولة من نحو الجبن والخور، وقلة الأمانة، والإمساك في وجوه الخير، وذلك مما يورث الوهن وضعف الهمة، يقول الله _عز وجل_: "يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ" (لأعراف:31).
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.