أسمـــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة السابعة والعشرون بعد المائة في موضــــوع القوي
نبذة عن الصوت
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السابعة والعشرون بعد المائة في موضوع (القوي ) وهي بعنوان :*أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ :
الحمد لله الحنان المنان ، خالق الأكوان ، ومصرف الدهور والأزمان ، أحمده سبحانه وأشكره على نعمة الأمن والإيمان ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لا يخرج عن تدبيره و بطشه وانتقامه إنس ولا جان وأشهد أن نبينا وحبيبنا وسيدنا محمداً عبد الله ورسوله للثقلين الإنس والجان صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبع نهجه وسنته على مر الزمان.أما بعد:فاتقوا الله عباد الله وأبشروا بوعد ربكم فهاهو يخاطبكم فيقول:{قُلْ يَاعِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}
أيها الأحبة في الله في ظل الظروف التي تعيشها أمة الإسلام في هذه الحقبة الزمنية ؛ حقبة الابتلاء والتمحيص ، يثبت قوم ويهلك آخرون ، فأما الذين ثبتهم الله فقد كانوا ممن يقرؤون القرآن بنور الإيمان والبصيرة فعرفوا أن المؤمن معرض للبلاء وأن من علامات صدق الإيمان الثبات عند المحنة والتمحيص علموا ذلك من قوله تعالى :{الم()أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ()وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}. وقدم لنا الرعيل الأول من هذه الأمة المباركة نماذج للصبر على البلاء والتمحيص حيث صبر بلال وصبر خباب ، وصبرت سمية ، والقائمة تطول ..، ومما أعانهم على الصبر إدراكهم للقاعدة العظيمة التي وضعها الله في كتابه يوم أن قال : {أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ}. هذه القاعدة التي قد تغيب عن ضعفاء الإيمان حينما يرون بطش أعداء الإسلام بأبناء أمة الإسلام حيث يتسلل الشيطان إلى نفوسهم المريضة ليبعث فيها سؤالاً خبيثاً ملؤه القذارة والشك في قدرة الله فيقول لهم:أين الله من نصرة عباده ؟ وحينما ينجح الخبيث في إضعاف ثقة تلك الفئة في القاعدة الربانية {أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ}. تراهم يسارعون لمن عنده القوة المادية المؤقتة من أهل الأرض فيحبونهم ويسعون في مرضاتهم ولو كان ذلك على حساب دينهم ؛ وقد يبدؤون في التشكيك في جدوى الدين والشريعة ، ويدعون لغير شريعة الله ، والبلاء والتمحيص أيها الأحبة في الله قد يكون على مستوى الأفراد ؛ كما سبق ذكره مع بلال وخباب وغيرهم، وقد يكون على مستوى الجماعة والأمثلة على ذلك عديدة من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم ولكني أكتفي بذكر مثال واحد منها وهو ما حدث في غزوة أحد حيث انخذل عبد الله بن أبي رأس النفاق في ذلك الزمان بثلث الجيش وقال مبرراً عمله المشين : (يدع رأيي ورأيه ويأخذ برأي الصبيان؟) فيقول شيخ الإسلام ابن تيمية في ذلك : ( انخذل معه خلق كثير كان كثير منهم لم ينافق قبل ذلك ، فأولئك كانوا مسلمين ومعهم إيمان هو الضوء الذي ضرب الله به المثل ، فلو ماتوا قبل المحنة والنفاق لماتوا على الإسلام، ولم يكونوا من المؤمنين حقاً ، الذين امتحنوا فثبتوا على المحنة ، ولا من المنافقين حقاً الذين ارتدوا عن الإيمان بالمحنة، وهذا حال كثير من المسلمين في زماننا أو أكثرهم ، إذا ابتلوا بالمحنة التي يتضعضع فيها أهل الإيمان ينقص إيمانهم كثيراً ، وينافق كثير منهم ، ومنهم من يظهر الردة إذا كان العدو غالباً ، وقد رأينا هذا ورأى غيرنا من هذا ما فيه عبرة . وإذا كانت العافية ، أو كان المسلمون ظاهرين على عدوهم كانوا مسلمين ، وهم مؤمنون بالرسل باطناً وظاهراً ؛ لكنه إيمان لا يثبت على المحنة ) ثم يذكر رحمه الله مواصفات أولئك القوم الذين لا يثبتون على المحنة بقوله : (ولهذا يكثر في هؤلاء ترك الفرائض وانتهاك المحارم ؛ وهؤلاء من الذين قال الله فيهم : {قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلْ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ }.أي الإيمان المطلق الذي أهله هم المؤمنون حقاً ؛ فإن هذا الإيمان إذا أطلق في كتاب الله تعالى،كما دل عليه الكتاب والسنة ، لم يحصل لهم ريب عند المحن التي تقلقل الإيمان في القلوب).انتهى كلامه رحمه الله. ولذلك لم فقدت قلوبهم تلك القاعدة {أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ}.وحدث للمسلمين ما حدث لهم في أحد قاموا يقولون قولتهم التي خلدها الله لأمة الإسلام في كتابه حتى لا يستن أحد بسنتهم بقوله : {الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا} فرد الله عليهم فريتهم ومقولتهم بقوله :{ قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمْ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}. أيها الأحبة في الله قولوا لمن تسلل إلى نفسه شيء من هذه الأوهام من أهلك قوم نوح ؟ من أمر السماء بأن تمطر فأطاعته وأمطرت ماء منهمر ؟ من أمر الأرض فأطاعته وتفجرت عيوناً ؟ من جعل الماء يطغى حتى غطى رؤوس أعلا جبال الأرض ؟ من الذي أمر الماء أن تغرق أهل الكفر وأن لاتتعرض بسوء لسفينة الإيمان سفينة نوح ومن معه وهي تجري في موج كالجبال ارتفاعه آلاف الأقدام ؟ إنه..الله..إنه الله.. إنه الله {أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ}. فقولوا لمن عظمت في قلوبهم قدرة البشر الضعفاء ، أعطونا من يفعل مثل ذلك ؟ فإن لم يفعلوا ولن يفعلوا فقولوا لهم أما آن لقلوبكم أن توقن بتلك القاعدة الربانية {أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ}. والقصص أيها الأحبة في الغابرين عديدة يضيق المجال عن ذكرها ولكن ارجعوا إلى كتاب ربكم وإلى سنة نبيكم تجدوا فيها من ذلك الشيء الكثير ، ارجعوا إليها بنفس من يبحث عن أمثلة لتلك القاعدة الربانية ، ولكني أود أن أنقلكم نقلة إلى زماننا الحاضر فقد أخبرني رجل ثقة بإذن الله عما رآه بأم عينه وعاشه وكان مثالاً تطبيقياً واقعياً لتلك القاعدة الربانية {أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ}.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.