أسمـــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة التاسعة عشرة بعد المائة في موضــــوع القوي

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة التاسعة عشرة بعد المائة في

موضوع (القوي ) وهي بعنوان :* المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف : 

إن المؤمن القوي يبتعد عن المداهنة، والمجاملة المذمومة، يواجه الناس بقلب مفتوح، ومبادئ واضحة، لا يصانع على حساب الحق، لأنه لا يعرف المتاجرة بالباطل، المؤمن القوي غني عن التستر بستار الدجل والاستغلال، كأصحاب المبادئ الأرضية من أجل هذا، فإن هذا المؤمن في صدعه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ينطلق من هذه القاعدة، ينطلق ونفسه وقلبه في سمو، وقوته الإيمانية تنير له طريقة أمره ونهيه.

قوة في استمساكه بالحق الذي معه، ثم قوة في مواجهة من يخالف الحق، أو يريد الباطل لتأخذن على يدي الظالم، ولتأطرنه على الحق أطرًا، إن الأمة في حاجة إلى هذه النوعيات نريد ذلك المؤمن، الذي تكون لديه قوة في مصارحة المخلوقين، قوة في تنبيه المخطئين، قوة في نقد العيوب والمثالب المعلنة، لا حوف من وجيه، ولا حياء من قريب، ولا خجل من صديق وبعبارة جامعة رائعة، لا تأخذه في الله

لومة لائم.

 وهنا نقطة يجب أن نقف معها: ذكرها أهل العلم يجب أن تعرف وتكون واضحة عند من لهم غيرة على محارم الله، وهي أن المنكر إذا أُظهر وأعلن وأعلى، فإنه يشرع إنكاره علنًا، وإذا أخفي وأُسر، شرع إنكاره سرًّا، وهذا أيضًا نوع من القوة تكون محموده في معاصي معلنة، ومذنبين مجاهرين.

أولئك الذين تجرأوا على الله عز وجل، ولم يخجلوا حتى من عباد الله، وجاهروا بمنكراتهم، وخرجت روائح جرائمهم، لماذا لا يرضون، حتى بذكر أسمائهم أمام الناس، فضلاً عن الإنكار عليهم علانية، مقابلة بصنيعهم. بل ويلصقون برجال الحسبة التهم، والتشهير وربما آذوهم في أبدانهم أو غير ذلك، بحجة أنهم أعلنوا عن منكراتهم.

فيقال لهم، أنتم الذين لا يرضون بذلك، لا تعلنوا منكراتكم، ولا تبدوا عوراتكم، فإن الذين لا يعرف إلا القوة والصرامة في مثل هذه المواقف.

جانب آخر، من جوانب القوة المطلوبة، في المؤمن، والتي تظهر فيها حقيقة القوة عنده، وهذه نقطة مهمة جدًا، نريدها في الشباب المؤمن، نريدها في الشاب الذي سخر نفسه لخدمة دين الله عز وجل، وهو القوة في ضبط النفس والتحكم في الإرادة، ضبط النفس، ومحاولة التحكم لها من الإنسياق وراء جذبه النفس للشهوات، والمغريات والفتن نريد قوة المؤمن تظهر في التعفف والترفع عن سوء الخصال، وعن خوارم المروءة.

 القوة المطلوبة من المؤمن في علو همه في عدم الوقوع في المنكرات والفواحش والمعاصي وهنا تظهر حقيقة، قوة المؤمن من ضعفه، لاشك بأن الشهوات، لها ضغط على النفس، أيًا كانت هذه الشهوات، والواقع المزعج حول المؤمن أيضًا له ضغط عليه، فهنا تظهر القوة من عدمها. وهذا لا يعني العصمة، فإنه لا عصمة إلا لأنبياء الله ورسله، ولكن هذه القوة، تجعل المؤمن أن لا ينساق وراء هذه الفلتة لو وقع فيها، بل قوته تجعله يبادر بالتوبة، ويرجع إلى ما

كان عليه من قبل وأفضل.

 إن القوة في ضبط النفس في مثل هذه الأمور، لاشك أنها تأخذ بصاحبها بالسير في مسالك الطهر، ودروب النزاهة والإستقامة على الجادة، وقد قال هود عليه السلام لقومه آمرًا لهم بالاستغفار والبعد عن مزالق الخاطئين (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ) [هود: 52].

جانب آخر، من جوانب القوة المطلوبة في المؤمن: وهي القوة في ترك الدعة وحب الراحة، وهذا أيضًا له ضغط على النفس البشرية. خصوصًا في واقعنا المعاصر التي يُسرت كل سبل الراحة والدعة للناس.

اعلم يا عبد الله، بأن حب الراحة وإيثار اللذات، هو الذي يسقط الهمم، ويفتر العزائم، فهناك شابان يتساويان في نباهة الذهن، وذكاء العقل وقوة البصيرة،ولكن قوة الإرادة، وعلو الهمة، ونفاذ العزيمة عند أحدهما،يكسبه التفوق على زميله الآخر وتبلغ به هذه القوة من المحامد والمراتب،ما لا يبلغه الآخر.

بل إن هناك بعض الشباب، قد يكون أقل إمكانيات وأضعف وسائل، وأقل أوقات، لكنه بقوة إرادته، وعلو همته، وبإصراره على الإقدام والتقديم، يفوق أقرانه ويكون عطائه في الواقع أقنع وأبرك، من آخر، أعطاه الله جل وعلا نباهة الذهن، وذكاء العقل، لكنه آثر الدعة والراحة والسلامة.

إنه لا رفعة لأمة، يكثر فيها النوع الثاني إنه لا قوامة لأمة شبابها وذوو الطاقات فيها لا يُقدّمُون، ولا يتحركون، لا لعجزهم وضعفهم، بل لدنو هممهم وضعف إراداتهم.

إنه لحقيق بالرجال القوامين على التربية، أن يعطوا هذا الدرس مكانه من التوجيه، وأن يعطوا هذه القضية، قدرها من الاهتمام من أجل بناء صرح من الشباب المؤمن، صرح من العز شامخة، ومن القوة ظاهرة، فإن لم يكن كذلك، فقد ظلمت الأمة نفسها وخسرت أجيالها، وهضمت حق دينها، وأضاعت رسالتها. قال الله تعالى: (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) [مريم: 12]، وما اقترن العزم الصحيح مع التوكل الوثيق على من بيده ملكوت كل شيء إلا كانت العاقبة فوزًا ونجاحًا قال عز وجل: (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) [آل عمران: 159].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.