أسمـــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة الرابعة والسبعـون في موضــــوع القـــــوي
نبذة عن الصوت
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الرابعة والسبعون في موضوع (القوي ) وهي بعنوان : * القُـوَّة في السِّياسةِ الشَّرعِيَّةِ :
وأما القوة في الاصطلاح فقد جاء في المعجم الفلسفي: قوة: مصدر الحركة والعمل، ومنه قوة الروح،
وقوة الإرادة، وقوة التفكير[ المعجم الفلسفي: 149. مصطلح رقم (761). مجمع اللغة العربية. 1403هـ.
1983م، وانظر المعجم الفلسفي لجميل صليبيا: 2: 202-203. دار الكتاب اللبناني. 1982م.]
أما الإمام الجرجاني صاحب التعريفات – وكذلك المناوي صاحب التعاريف – فينحو منحى فلسفيًّا منطقيًّا مبينًا أنواع القوة، فيقول: القوة هي تمكن الحيوان من الأفعال الشاقة، فقوى النفس النباتية تسمى قوى طبيعية، وقوى النفس الحيوانية تسمى قوى نفسانية، وقوى النفس الإنسانية تسمى عقلية، والقوى العقلية باعتبار إدراكاتها للكليات تسمى القوة النظرية، وباعتبار استنباطها للصناعات الفكرية من أدلتها بالرأي تسمى القوة العملية …. ثم يتحدث عن القوى: الباعثة والفاعلة والعاقلة والمفكرة والحافظة والعقلية [ التعريفات للجرجاني: 231-232. دار الكتاب العربي. بيروت. 1405هـ، وانظر التعاريف للمناوي: 592-593. دار الفكر. دمشق. 1410هـ.]
وعرفها العلامة محمد الطاهر ابن عاشور بقوله: “حقيقتها: كمال صلابة الأعضاء لأداء الأعمال التي تراد منها”[ التحرير والتنوير: 10/ 44. طبعة الدار التونسية.]
وفي مقام آخر عند قوله تعالى من سورة الأعراف: ” وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ(145)”. يفصل ابن عاشور في حقيقة القوة جامعا بين معانيها اللغوية والاصطلاحية فيقول: والقوة حقيقتها حالة في الجسم يتأتى له بها أن يعمل ما يشق عمله في المعتاد، فتكون في الأعضاء الظاهرة، مثل: قوة اليدين على الصنع الشديد، والرجلين على المشي الطويل، والعينين على النظر للمرئيات الدقيقة. وتكون في الأعضاء الباطنة، مثل: قوة الدماغ على التفكير الذي لا يستطيعه غالب الناس، وعلى حفظ ما يعجز عن حفظه غالب الناس، ومنه قولهم: قوة العقل…
وسمى الحكماء الحواس الخمس العقلية بالقوى الباطنية وهي الحافظة، والواهمة، والمفكرة، والمخيلة، والحس المشترك؛ فيقال: فرس قوي، وجمل قوي على الحقيقة، ويقال: عود قوي، إذا كان عسير الانكسار، وأسس قوي، إذا كان لا ينخسف بما يبنى عليه من جدار ثقيل، إطلاقا قريبا من الحقيقة، وهاته الحالة مقول عليها بالتشكيك لأنها في بعض موصوفاتها أشد منها في بعض آخر، ويظهر تفاوتها في تفاوت ما يستطيع موصوفها أن يعمله من عمل مما هي حالة فيه، ولما كان من لوازم القوة أن قدرة صاحبها على عمل ما يريده أشد مما هو المعتاد، والأعمال عليه أيسر، شاع إطلاقها على الوسائل التي يستعين بها المرء على تذليل المصاعب مثل السلاح والعتاد، والمال، والجاه، وهو إطلاق كنائي قال تعالى: قالوا نحن أولوا قوة في سورة النمل [33] .
ولكونها يلزمها الاقتدار على الفعل وصف الله تعالى باسم القوي أي الكامل القدرة قال تعالى: إن الله قوي شديد العقاب في سورة الأنفال [52] .
والقوة هنا في قوله: فخذها بقوة تمثيل لحالة العزم على العمل بما في الألواح، بمنتهى الجد والحرص دون تأخير ولا تساهل ولا انقطاع عند المشقة ولا ملل، بحالة القوي الذي لا يستعصي عليه عمل يريده. ومنه قوله تعالى: يا يحيى خذ الكتاب بقوة في سورة مريم [12] [ التحرير والتنوير: 9: 99-100.
ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.