أسمـــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة الثانية والأربعـون في موضــــوع القـــــوي
نبذة عن الصوت
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة الثانية والأربعون في موضوع (القوي ) وهي بعنوان : الحاجة إلى قوة الإرادة:
وهذه الحياة الدنيا التي نعيش فيها: مغريات، خضرة حلوة، تجذب بما فيها من الزينة والأموال واللهو واللعب، ولذلك يحتاج المسلم إلى قوة إرادة للوقوف أمام شهواتها وإغراءاتها وجاذبيتها.
نحتاج إلى قوة الإرادة في أي شيء؟
في الثبات ضد هذه المغريات.
قوة إرادة للثبات أمام عوامل الانحراف.
قوة إرادة للثبات أمام عوامل التثبيط والفتور سواء التي تأتي من داخل أنفسنا الأمارة بالسوء، أو
التي تأتي من الخارج من كيد الأعداء والشيطان، ونحو ذلك، وهو يسير ويجري من ابن آدم مجرى الدم.
نحتاج إلى قوة الإرادة في مواجهة الوساوس التي يلقيها الشيطان، حتى هؤلاء الناس الذين عندهم وساوس في الطهارة، فيعيدون الوضوء عشرات المرات، ويمكثون في مكان قضاء الحاجة والحمامات الساعات الطوال، ويعيدون الصلوات، بل ربما من شدة الوسوسة جعل بجانبه شخصاً يحسب له عدد الركعات.
ما هو علاج الوسوسة؟ إذا أنت تفكرت ونظرت لوجدت أنه قوة الإرادة المانع من تكرار الفعل مثلاً، فلو توضأ بشكل صحيح موافق للسنة غسل الأعضاء، وصل الماء إلى البشرة كما أمره الله، فجاءه الوسواس: ربما لم تغسل! ربما لم تمسح شعرك! ربما لم تفعل كذا وكذا! وهو يعلم إذا وضع يده على شعره يجد البلل، إذا نظر في مرفقيه وجد الماء، فما الذي يثنيه؟ وما الذي يرد الوسواس عنه؟
الإرادة القوية المبنية على التوكل على الله، والعلم الشرعي الذي ينبئك بأن إعادة العبادة محرم لا يجوز، لو أعدت الوضوء تأثم.
نحتاج إلى الإرادة القوية في مواجهة الفتن، فتنة الزوجة التي تجر الإنسان إلى المعاصي إلا من رحم الله
من الزوجات الصالحات، فتأمر الزوج بالمعصية، أو تحببه إليها، أو تقول: لماذا لا نذهب إلى المكان الفلاني، وفيه ما لا يرضي الله؟ أو لماذا لا نشتري الشيء الفلاني وهو محرم لا يرضي الله؟ ولماذا لا ندخل في بيتنا الآلة الفلانية وهي لا ترضي الله؟ وهكذا مما تأمر به الزوجة إذا لم تكن طائعة لله.
فتنة الأولاد الولد محزنة مجبنة مجهلة مبخلة [رواه الطبراني في الكبير: 614].
مجهلة يصرف الإنسان عن طلب العلم.
مبخلة يصرف الإنسان عن الإنفاق في سبيل الله، وعن الخوض للقتال للمعركة في سبيل الله مبخلة يصرفه عن الإنفاق.
مجبنة يصرفه عن القتال.
مجهلة يصرفه عن طلب العلم.
محزنة إذا مرض، وغير ذلك.
فالأولاد فتنة: إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ [التغابن: 14].
فالصمود أمام هؤلاء يحتاج إلى إرادة قوية.
قوة الإرادة مهمة في مقاومة ميل النفس إلى الدعة والراحة، النفس بطبيعتها تميل إلى الدعة، تميل إلى الكسل، إلى الفوضى، والإرادة القوية هي التي تحمل النفس على العمل وترغمها على عدم الانجرار وراء ساعات النوم الكثيرة، ويرغمها على التنظيم المقاوم للفوضى، وهكذا..
قوة الإرادة هي التي تصد الشيطان عن إلقاء المخاوف وعن الاستجابة لها: إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ [آل عمران: 175] يخوف أولياءه، يعني: يجعل أولياءه أعداء الإسلام يظهرون في أعينكم وفي أنفسكم قوة لها رهبة وخوف: إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ ، يخوفكم يا أيها المؤمنون بأوليائه فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ .
الإنسان يتعرض إلى مصائب: موت، مرض، فقر، هذه الإرادة القوية هي التي تجعل الإنسان صامداً أمام المصيبة، صابراً محتسباً على وقوع قضاء الله وقدره.
والإرادة القوية هي التي تحمي الشخص والفرد المسلم عن الانسياق وراء الجموع الضالة التي تهيم على غير هدى من الله: وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ [الأنعام: 116].
والإنسان من طبيعته أنه يحب موافقة الكثرة، والاختلاف عنهم ومفارقتهم صعبة على النفس، ولذلك تجد كثيراً من الناس لو سألته عن سبب معصية، أو عمل خطأ، أو بدعة يفعلها، قال لك: كل الناس يفعلون ذلك، ما عنده إرادة قوية تعصمه عن الانسياق وراء الكثرة الضالة التي تتبع الهوى والجهل والعادات والتقاليد.
وكذلك الأئمة المضلون الذين يسوقون الناس بالضلال ويلبسون عليهم، والطاعة العمياء للغوغاء.
الإرادة القوية تقوم حائل بين الإنسان المسلم وبين مجاراة الجمهور فيما يريدونه إذا كان من معصية الله.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.