أسمـــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة الأربعــــــــــون في موضــــوع القـــــوي

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة الأربعون في موضوع (القوي ) وهي بعنوان : خطر الخلط بين الإرادة الكونية والشرعية:

 والخلط بين الإرادتين هو الذي يورد الخالط المهالك.

وقد ضل أناس في هذه الإرادة فجعلوهماً شيئاً واحداً، وصار بعض الناس يقولون: إننا مجبورون على الأفعال لا إرادة لنا.

وبعض الناس يقولون: إن كل شيء نفعله فالله يريده، يعني: يحبه، فضلوا واستمروا على المعاصي والضلال، قالوا: إن الله يحب هذا، واحتجوا بأنه وقع وأن الله أراده.

وبعض الناس ضلوا في الناحية الأخرى فقالوا: إن العباد يخلقون أفعالهم بأنفسهم.

وهؤلاء الضلال هم الذين انحرفوا في مفهوم الإرادة، إرادة الله جل جلاله فخلطوا بين الإرادة الشرعية وبين

الإرادة الكونية.

والذي يخلط بينهما ولا شك فإنه يضل، فهؤلاء الذين قالوا: إن العباد يخلقون أفعالهم بأنفسهم جعلوا هناك أكثر من خالق، بل إن عدد الخالقين صار بعدد الناس الذين يفعلون الأفعال، ولا شك أن الله خلقنا وخلق أفعالنا: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ  [الصافات: 96].

وأما الذين قالوا: إن العباد ليس لهم إرادة وإنهم مقسورون ومجبورون على أفعالهم سلبوا العباد القدرة والإرادة التي أعطاهم الله إياها، بل إنهم بهذا الكلام الباطل جعلوا تعذيب الله للعاصي مثل تعذيب الطويل لم لم يكن قصيراً، والقصير لم لم يكن طويلاً، بل إنهم عذروا إبليس وقدموا العذر لفرعون وهامان وقارون؛ لأنهم معذورون بما فعلوه وأنهم مجبورون، وقال قائلهم في البيت المشهور:

ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له *** إياك إياك أن تبتل بالماء

هذا بيت من عقيدة الجبرية، الذي قاله جبري، يقول: أن الإنسان مجبور، وأن الله جل جلاله امتحنه مع أن

المخلوق لا إرادة له، بل إن بعض هؤلاء القدرية الضلال اجتمع نفر منهم فتذاكروا في القدر فجرى ذكر الهدهد وقوله: وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ [النمل: 24]، فقال أحدهم: كان الهدهد قدرياً، أضاف العمل إليهم والتزيين إلى الشيطان، وكل ذلك من فعل الله.

ونحن نعتقد أن الله جل جلاله أعطانا القدرة وأعطانا الإرادة، ولكن لا يقع إلا ما يريده الله، لم يسلبنا الله الإرادة ولا القدرة، بل إن العبد إذا أراد أن يفعل شيئاً فإن له الحرية في الفعل إذا أراد الله وقدر وقوع ذلك، ولا يشعر العاصي بقوة تدفعه إلى عمل الشيء بالرغم منه، بالرغم من أنه لا يريد ذلك أبداً، وليس العبد مجبوراً على أفعاله مطلقاً.

وكم كانت هذه العقيدة الضالة سبباً في صد بعض الناس عن دين الله جل جلاله ، وهذا مثال على ذلك قال بعض السلف: خرجنا في سفينة وصحبنا فيها قدري ومجوسي، فقال القدري للمجوسي: أسلم، قال المجوسي: حتى يريد الله.

هذا عين ما يقع اليوم من بعض الناس الفسقة إذا قلت لهم: التزموا بدين الله، عودوا إلى الله، اتركوا المعاصي قالوا: حتى يريد الله.

قال المجوسي: حتى يريد الله.

فقال القدري: إن الله يريد، ولكن الشيطان لا يريد.

فقال المجوسي: أراد الله وأراد الشيطان فكان ما أراد الشيطان، هذا شيطان قوي.

وفي رواية قال: فأنا مع الأقوى منهما [شرح العقيدة الطحاوية، ص: 227].

وهذا الضلال بسبب الخلط بين الإرادة الكونية والإرادة الشرعية، الله جل جلاله أعطانا الإرادة وأراد منا أن نعبده سبحانه وهو لا يقع في ملكه إلا ما يريد: إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ  [مريم: 35].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.