أسمـــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة التاسعة والثلاثـون في موضــــوع القـــــوي

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة التاسعة والثلاثون في موضوع (القوي ) وهي بعنوان : * قوة الإرادة وعلو الهمة :

أهمية قوة الإرادة وعلو الهمة : قوة الإرادة وعلو الهمة موضوعان مترابطان.

وهذان الموضوعان في غاية الأهمية من جهة الحاجة إليهما؛ لأنه لا يقوم بدين الله إلا من كانت له إرادة قوية وهمة عالية، فإن هذا الدين دين قويم، ودين

عظيم، والله جل جلاله أنزله وامتحن به الناس، ليرى من الذي يقوم به ممن لا يقوم، من الذي يتحرك لنصرته، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، ومن الذي يتخاذل عن ذلك، ويركن إلى الدنيا وإلى الدعة والكسل.

وهذان الموضوعان أيضاً في غاية الأهمية من جهة علاج الواقع الذي نعيش فيه، فإننا في حال هزيمة على المستوى الفردي والمستوى الجماعي، وإن العودة بالنفس والمجتمع من حال الهزيمة إلى حال الانتصار تحتاج إلى إرادة قوية وهمة عالية.

وحال الأفراد الذين يقولون: عندنا معاصي لا نستطيع أن نفارقها، وشهوات واقعون فيها لا نستطيع أن نبارحها، وعندنا ضياع أوقات من مشكلاتنا وندخل في مشاريع فلا نكمل، وتنقطع بنا السبل، ونعيش في فوضى، وحياتنا ليست مرتبة على حسب الشريعة.

لا شك أن علاج كل هذه المشكلات، وعلاج قضية عدم الجدية في الالتزام بالإسلام من هذه الأوقات الضائعة، والالتزام الناقص، ومظاهر نقص الاستقامة، لا شك أنها لا تعالج إلا بإرادة قوية وهمة عالية.

ونحن نتلفت لعلاج أنفسنا إلى الأنبياء والصحابة والتابعين والعلماء والشهداء الذين قضوا نحبهم وهم مقيمون على طاعة الله، أولئك الذين أخبر الله جل جلاله عنهم بأنهم: صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا [الأحزاب: 23].

أولئك أصحاب الهمم العالية، والعزائم القوية، والإرادات التي جعلت أصحابها في ذلك المستوى الإيماني المرتفع.

وأيضاً فإن هذا الموضوع مهم في العبادة، والجهاد، وطلب العلم، والدعوة إلى الله جل جلاله ؛ لأن هذه الأمور الشرعية المطلوبة لا يمكن تحقيقها إلا بذلك.

ولنشرع بالشطر الأول من هذا الموضوع وهو: قوة الإرادة.

أنواع الإرادة:

 أما الإرادة فإن الإرادة الكاملة التامة هي لله جل جلاله ، الذي قال ووصف نفسه بأنه: فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ [البروج: 16] لا تحدث حركة ولا سكنة في الأرض ولا في السماء إلا بإرادته ومشيئته، ولو شاء عدم وقوعها لم تقع، فهذه هي إرادته الكونية القدرية التي لا بد من وقوعها، كما قال الله -عز وجل-: فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا [الكهف: 82]، وقال: وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا [الإسراء: 16]، وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا[المائدة: 41]، وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ [الرعد: 11].

فمشيئته سبحانه وتعالى نافذة، إرادته نافذة، هذه الإرادة الكونية القدرية.

والإرادة الثانية: هي الإرادة الدينية الشرعية؛ كما قال الله -تعالى- فيها: وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ [النساء: 27].

ثم إن بعض الناس قد يسلكون سبيل التوبة فيتوب الله عليهم، وبعض الناس لا يسلكونها فلا يتوب الله عليهم.

وقال الله: يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ  [البقرة: 185] وهذه أيضاً من الإرادة الدينية الشرعية، فلو كانت الإرادة هذه كونية لما حصل لأحد منا عسر أبداً.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.