أسمـــاء الله الحسنـــى وصفاتــــه الحلقة الرابعة والتسعـــــــــون في موضــــوع القهار القاهر

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلق

 الرابعة والتسعون في موضوع (القهار القاهر) وهي بعنوان :

الخاتمة

إِنَّ اللَّهَ قَاهِرُ الْمُعَانِدِينَ بِمَا أَقَامَهُ مِنَ الْآيَاتِ، وَالدَّلَالَاتِ عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ، وَقَهْرِ جَبَابِرَةِ خَلْقِهِ لِعَظِيمِ سُلْطَانِهِ، وَهُوَ يُدَبِّرُ خَلْقَهُ بِمَا يُرِيدُ، وَيَنْفَعُهُمْ إِنْ شَاءَ، وَيَضُرُّهُمْ إِنْ شَاءَ، فَلَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ رَدَّ تَدْبِيرِهِ، وَالْخُرُوجَ مِنْ تَقْديرِهِ، فَهُوَ الَّذِي زَالَتْ عِنْدَ صَوْلَتِهِ صَوْلَةُ الْمَخْلُوقِينَ، وَبَادَتْ عِنْدَ سَطْوَتِهِ قُوَّةُ الْخَلَائِقِ أَجْمَعِينَ، وَلِذَا يَقُولُ عِنْدَ فَصْلِ الْخِطَابِ ﴿ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴾ [غافر: 16] فَأَيْنَ الْجَبَابِرَةُ وَالْأَكَاسِرَةُ عِنْدَ ظُهورِ هَذَا الْخِطَابِ؟ وَأَيْنَ أَهْلُ الضَّلَالِ والْإِلْحَادِ؟ وَأَيْنَ إِبْلِيسُ وَجُنُودُهُ وَشِيعَتُهُ؟ كُلُّهُمْ بَادُوا وَانْقَضَوْا، زَهَقَتِ النُّفُوسُ، وَتَبَدَّدَتِ الْأَرْوَاحُ، وَتَلَفَتِ الْأَجْسَامُ وَالْأَشْبَاحُ، وَتَفَرَّقَتِ الْأَوْصَالُ، وَبَقِيَ الْوَاحِدُ الْمَوْجُودُ الَّذِي لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ، إِنَّ صِفَةَ الْقَهْرِ إِذَا وُصِفَ بِهَا الْعَبْدُ، فَغَالِبًا مَا تَكُونُ مَذْمُومَةً، لِقِيَامِهَا عَلَى الظُّلْمِ وَالطُّغْيَانِ وَالتَّسَلُّطِ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَالْفُقَرَاءِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى حَاكِيًا عَنْ فِرْعَوْنَ: ﴿ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ ﴾ [الأعراف: 127]، لِذَا نَهَى اللَّهُ أَنْ يُتَسَلَّطَ عَلَى الْيَتِيمِ فَقَالَ تَعَالَى:   ﴿ فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ ﴾[الضحى: 9] فَلَا يَتَسَلَّطُ عَلَيْهِ أَحَدٌ بِالظُّلْمِ لِأَنَّهُ لَا نَاصِرَ لَهُ مِنْ الْبَشَرِ، فَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَا يَمْتَلِكُ قَهْرَهُ أَحَدٌ، فَيَقْهَرُ السُّحُبَ الضِّخَامَ وَيَأْمُرُهَا حَيْثُ شَاءَ، وَيَقْهَرُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَيَقْهَرُ جَمِيعَ الْخَلَائِقِ، وَلَا يُصِحُّ أَنْ يُوصَفَ عَبْدٌ مِنَ الْعِبَادِ بِأَنَّهُ الْقَهَّارُ أَوِ الْقَاهِرُ، فَإِذَا وُصِفَ الْعَبْدُ بِهَا فَهِيَ صِفَةُ عَيْبٍ وَنَقْصٍ؛ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي التَّكَبُّرَ وَالتَّجَبُّرَ، لِذَا قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاهُ : وَلَا تَجُوزُ التَّسَمِيَةُ بِالْقَاهِرِ وَالظَّاهِرِ وَلَا بِالْجَبَّارِ وَالْمُتَكَبِّرِ. انْتَهَى كَلَامُهُ ، أَمَّا اللَّهُ تَعَالَى فَيُوصَفُ بِالْقَهَّارِ؛ لِأَنَّهَا صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ الْعِزَّةِ وَتَدْفَعُ الْعَبْدَ لِمَزِيدٍ مِنَ الذُّلِّ لَهُ وَالْعُبُودِيَّةِ وَالرَّاحَةِ وَالطُّمَأْنِينَةِ؛ لِأَنَّهُ يَشْعُرُ بِضَعْفِهِ وَذِلَّتِهِ أَمَامَ قَهْرِ اللَّهِ وَقُوَّتِهِ، فَيَدْفَعُ الْعَبْدَ لِلْتَوَاضُعِ وَالِاسْتِكَانَةِ لِرَبِّهِ حَتَّى يَنَالَ خَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ عِنْدَ ذَلِكَ عِلْمَ الْيَقِينِ أَنَّهُ لَنْ يَنَالَ شَيْئًا مَا لَمْ يُرِدْهُ اللَّهُ لَهُ، فَلَا يَغْتَنِي فَقِيرٌ، وَلَا يُولَدُ لِعَاقَرٍ أَوْ عَقِيمٍ، وَلَا يُشْفَى مَرِيضٌ أَوْ عَلِيلٌ، إِلَّا إِذَا قَهَرَ اللَّهُ تِلْكَ الْأَمْرَاضَ وَالْأَوْجَاعَ.

[ الأنترنت – موقع الألوكة –وهو الواحد القهار (جزء من خطبة جمعة ) - للشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي ]

اسأل الله أن يجعله علماً نافعاً وعملاً صالحاً متقبلا ، وأن ينفع به كاتبه وقارئه وسامعه ومشاهده ....  إن اصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان واستغفر الله من كل خطأ وخطيئة ، وعلى أتم استعداد للرجوع الى الصواب ، وأشكر كل من قدم لي أي خدمة في سبيل ذلك ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

وكتبه / د : مسفر بن سعيد دماس الغامدي  جوال / 0555516289