أسمـــاء الله الحسنـــى وصفاتــــه الحلقة الواحدة والستـون في موضــــوع القهار القاهر
نبذة عن الصوت
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الواحدة والستون في موضوع (القهار القاهر) وهي بعنوان :
*( القاهر ) و ( القهار ) لا يتنافيان مع رحمته ورأفته بعباده :
وقال السعدي رحمه الله :" كل مخلوق فوقه مخلوق يقهره ، ثم فوق ذلك القاهر قاهر أعلى منه ، حتى ينتهي القهر للواحد القهار ، فالقهر والتوحيد متلازمان متعينان لله وحده " انتهى ."تفسير السعدي" (ص 415)
وبهذا يزول الإشكال في مرض الأطفال وموتهم ، وما يحدث من المحن والابتلاءات للعبيد ؛ فإن ذلك ليس ملازما للانتقام ، ولا يعني أن الله تعالى يذللهم بذلك ، أو يعذبهم به ، بل هذا من تمام قدرته وسلطانه في خلقه ، وهو سبحانه حكيم ، لا يضع شيئا إلا في موضعه الذي يلائمه : ( لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ) ؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية في معنى ذلك : " لَا لِمُجَرَّدِ قُدْرَتِهِ وَقَهْرِهِ ، بَلْ لِكَمَالِ عِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَرَحْمَتِهِ وَحِكْمَتِهِ ؛ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ وَأَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ، وَهُوَ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ الْوَالِدَةِ بِوَلَدِهَا ، وَقَدْ أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ " انتهى من " مجموع الفتاوى" (8/79) .
وحينئذ يتبين لنا أنه لا إشكال في ذلك ، فالقهر ليس خاصا بالعصاة والظالمين ، وكذلك المرض والابتلاء ليس كله انتقاما وعذابا لمن نزل به من الخلق ، فقد يبتلي الله تعالى عبده بالمرض لا ليذله ، ولكن ليرفعه ، وقد يبتليه بالفقر لا ليحوجه ، ولكن ليغنيه .
وقد روى الترمذي (2398) وصححه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً ؟ قَالَ : ( الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الْأَمْثَلُ
فَالْأَمْثَلُ ، فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ
وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ ، فَمَا يَبْرَحُ الْبَلَاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ ) .صححه اللباني في "صحيح الترمذي" .
وروى ابن ماجة (4024) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً ؟ قَالَ الْأَنْبِيَاءُ . قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ( ثُمَّ الصَّالِحُونَ ، إِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَيُبْتَلَى بِالْفَقْرِ حَتَّى مَا يَجِدُ أَحَدُهُمْ إِلَّا الْعَبَاءَةَ يُحَوِّيهَا ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَيَفْرَحُ بِالْبَلَاءِ كَمَا يَفْرَحُ أَحَدُكُمْ بِالرَّخَاءِ ) صححه الألباني في "صحيح ابن ماجة" .وينظر لمعرفة الحكمة من ابتلاء الأطفال بالأمراض في الدنيا : جواب السؤال رقم : (13610) ، (150016) .
إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .