أسمـــاء الله الحسنـــى وصفاتــــه الحلقة الستــــــــــون في موضــــوع القهار القاهر

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الستون في موضوع (القهار القاهر) وهي بعنوان :

*( القاهر ) و ( القهار ) لا يتنافيان مع رحمته ورأفته بعباده :

ثانيا : القهر في أوصافه سبحانه ، ليس مرادفا للانتقام من أعدائه ، وليس معناه معنى تعذيبب العصاة ، حتى يقال إنه لا يقهر إلا الظالمين المتغطرسين ، كما قال هذا القائل ؛ بل هذا خطأ محض ؛ فإن قهره للظالمين سبحانه ، هو لون من ألوان قهره لخلقه ، لكنه ليس مقيدا بذلك ، بل قهره عام لخلقه جميعا ، من أطاعه ومن عصاه ، لأن ذلك من مقتضى ربوبيته لخلقه ،واقتداره عليهم ،وتمام سلطانه وقوته سبحانه ،وهذا أيضا من دلائل انفراده بالألوهية لعباده سبحانه .

قال ابن جرير رحمه الله في تفسير قوله تعالى : (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ) (11/288) :" ويعني بقوله : "القاهر" ، المذلِّل المستعبد خلقه ، العالي عليهم . وإنما قال : " فوق عباده" ، لأنه وصف نفسه تعالى ذكره بقهره إياهم . ومن صفة كلّ قاهر شيئًا أن يكون مستعليًا عليه .

فمعنى الكلام إذًا : والله الغالب عبادَه ، المذلِّ لهم ، العالي عليهم بتذليله لهم ، وخلقه إياهم ، فهو فوقهم بقهره إياهم ، وهم دونه " انتهى .

وقال ابن القيم رحمه الله :

" القهار لا يكون إلا واحدا ويستحيل أن يكون له شريك ، بل القهر والوحدة متلازمان ؛ فالملك والقدرة والقوة والعزة كلها لله الواحد القهار ، ومن سواه مربوب مقهور ، له ضد ومناف ومشارك ، فخلق الرياح وسلط بعضها على بعض تصادمها وتكسر سورتها وتذهب بها ، وخلق الماء وسلط عليه الرياح تصرفه وتكسره ، وخلق النار وسلط عليها الماء يكسرها ويطفئها ، وخلق الحديد وسلط عليه النار تذيبه وتكسر قوته ، وخلق الحجارة وسلط عليها الحديد يكسرها ويفتتها ، وخلق آدم وذريته وسلط عليهم إبليس وذريته ، وخلق إبليس وذريته وسلط عليهم الملائكة يشردونهم كل مشرد ويطردونهم كل مطرد ...

فاستبان للعقول والفطر أن القاهر الغالب لذلك كله واحد ، وأن من تمام ملكه إيجاد العالم على هذا الوجه ،وربط بعضه على بعض، وإحواج بعضه إلى بعض ، وقهر بعضه ببعض ، وابتلاء بعضه ببعض " انتهى ."طريق الهجرتين" (ص 233)

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .