أسمـــاء الله الحسنـــى وصفاتــــه الحلقة السادسة والخمسـون في موضــــوع القهار القاهر
نبذة عن الصوت
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السادسة والخمسون في موضوع (القهار القاهر) وهي بعنوان :
*تأملات في رحاب الاسم الجليل : الموت :
من مظاهر القهر الإلهي الموت الذي كتبه الله على عباده ؛ فلا يستطيع
الخلق رده أو دفعه عن أنفسهم ، ولو أوتوا من القوة والجبروت ما أوتوا ، فسبحان مَن قهر عبادَه بالموت ، لأن الموت ينهي كل شيء ، ينهي قوة القوي وضعف الضعيف ،ينهي غنى الغني وفقر الفقير،ينهي صحة الصحيح ومرض المريض .
وقد ذكر الله الموت قريباً من وصفه نفسه بـ (القاهر ) ليذكرهم بشيء قد قهرهم به أجمعين وذلك في قوله تعالى : ( وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم
حَفَظَةً حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ! ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ)الأنعام 63
لا نبي، ولا رسول، ولا قوي ،ولا غني ،ولا صحيح ،ولا مريض ،ولا فقير ، ولا ملك ولا وزير،إلاويموت قال تعالى :{إنك ميت وإنهم ميتون} الزمر 30
يروى أن أعرابيًا كان يسير على جمل له، فخر الجمل ميتًا، فنزل الأعرابي عنه،
وجعل يطوف به ويتفكر فيه، ويقول: ما لك لا تقوم؟
مالك لا تنبعث؟هذه أعضاؤك كاملة!! وجوارحك سالمة!!ما شأنك؟ ما الذي كان يحملك؟ما الذي صرعك؟ما الذي عن الحركة منعك؟
ثم تركه وانصرف متعجبًا من أمره، متفكرًا في شأنه!!
الأمراض والبلايا :
ومما قهر الله به عباده أيضاً : الأمراض والمصائب والنكبات التي لا يملكون ردّها عن أنفسهم ، ولذا ورد اسم الله ” القاهر “ وربطه بمس الخير والشر قال تعالى : (وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ! وَهُوَ الْقَاهِرفَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ)الأنعام 17
وقوله ( فوق عباده) تصوير للقهر والعلو بالغلبة والقدرة .
فإذا علم العبد أن الله هو الغالب على أمره اطمئن كقوله تعالى : (قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا
تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ)الزمر 38
وقال جل شأنه : (وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ
بِخَيْرٍفَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) يونس107
( فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ ) لأن الخلق، لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بما كتبه الله، ولو اجتمعوا على أن يضروك ، لم يقدروا على شيء من ضرره، إذا لم يرده الله، ولهذا قال: ( وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ ) أي: لا يقدر أحد من الخلق، أن يرد فضله وإحسانه، كما قال تعالى: (مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ ) فاطر2 ( يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ) أي: يختص برحمته من شاء من خلقه، والله ذو الفضل العظيم.
إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .