أسمـــاء الله الحسنـــى وصفاتــــه الحلقة الرابعة والخمسـون في موضــــوع القهار القاهر

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الرابعة والخمسون في موضوع (القهار القاهر) وهي بعنوان :

*تأملات في رحاب الاسم الجليل :

نظرة لهذا الكون العظيم :الله جل وعلا قائم على الكون ومهيمن عليه وهو

تعالى القاهر فوق عباده يسيّر الكون كلّه بقهره وبقدرته ، ولا يعزب (لا يغيب)عن علمه مثقال ذرة .

فالكون بكل ما يحتويه يدل على صفة القهر ، فإذا نظرنا نظرة عابرة إلى الكون وجدنا أن كل مخلوق يسير وفقا للغاية التي أرادها الله من خلقه .

لونظرنا إلى الشمس والقمر .. الليل والنهار ؛ نجد أنها كما أخبرنا الله عز وجل : (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ* وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ

حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ* لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ

سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) سورة يس 38

فالشمس تجري لمستقر لها في فلك خاص بها .. والقمر في فلكه الخاص ..

 وليس للشمس أن تقترب من مداره ولا للقمر أن يقترب من مدراها .. كل منهما يسير في الخط المرسوم ولا يخرج عنه ، مما يحول دون التصادم بينهما .. وهذا الأمر ينطبق على حركة الأفلاك جميعا وليس الشمس والقمر فحسب .. ولكن الله عز وجل حين يضرب الأمثال يضربها بما هو واضح للعيان .

وكذلك الليل والنهار يتعاقبان بانتظام .. فلا يأتي النهار قبل ميعاده أو يحل

الظلام قبل أوانه وفي ذلك يقول جل وعلا : ( إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) سورة الأعراف 54

ما الحكمة أن الله لم يقهرنا على طاعته ؟

يقول الشيخ الشعراوي –رحمه الله – يقول جل وعلا : (وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ) يونس 99

وقال أيضا :(وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ)هود 118

فالحق سبحانه وتعالى قادر على هدايتنا جميعا ، ويستطيع أن يقهرنا على

الإيمان ، ولكنه لم يشأ ذلك وشاء أن يمنحنا الاختيار ، ويخضعنا للاختبار ، فالمسلم يختبر في أفعل ولا تفعل ، وغير المسلم يختبر هل سيقدر الله حق قدره فيبحث عن طريق الهداية والحق أم يعرض ويتناسى .

وحتى يكون الاختبار حقيقيا فتح الله عز وجل المجال أمام المعاصي ليعصي والكافر ليكفر والمشرك ليشرك .. فالكل إذن في ظلال دائرة القهر .. والكل لم يخرج عن الإرادة الإلهية .

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .