أسمــــــاء الله الحســـنى وصفـــــــاته الحلقـــــة الثمانون بعد المائــتين في موضـــوع المعـــطي
نبذة عن الصوت
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة
الثمانون بعد المائتين في موضوع (المعطي) وهي بعنوان :
*العطاء غير المنظور:
إن هذا الوضع القاتم أثَّر سلبياً على الصحة النفسية للمجتمع كلِّه بشكل عام؛ فانتشرت الكآبة وعمَّ الحزن وساد اليأس قِطاعات عريضةً وشرائحَ واسعةٍ من الناس.
ونحن أحوج ما نكون الآن لتغيير كل هذه السلبيات والتعاطي بإيجابية
وأَمَل وتفاؤل مع واقعنا المرير بالفعل؛ إذ لن تُجْدِي الفردية والذاتية والأنانية
نفعاً، ولن نجني من اليأس والضجر والتشكِّي أيَّة فائدة، ولا بد من التعاون والتساند والترابط فيما بيننا؛ فالشخصية المنعزلة المنغلقة على أحزانها وأوجاعها، أو المنكفئة على نفسها لن تشعر بأية سعادة حقيقيـة، ولن تعـرف أية بهجة صادقة؛ فلا بد من انتشار روح الجماعة فيما بيننا، والإحساس بالآخرين ومشاكلهم وأوجاعهم وآلامهم وأحزانهم، وتقديم كافة أشكال العطاء المنظور وغير المنظور لهم؛ كي يحيا مجتمعنا في تكافل ورحمة ومواساة، وإذا كان العطاء المادي المنظور مشهوراً ومعروفاً بيننا فَلْنَذكر بعض صور العطاء غير المنظور التي نفتقدها ويحتاجها مجتمعنا بشدة هذه الأيام:إفشاء السلام:
وهل إفشاء السلام نوع من العطاء؟ نعم بالطبع! إفشاء السلام لون من ألوان العطاء غير المنظور، وما أجمله من عطاء! إن إلقاء السلام يُشِيع روح المودَّة والأُلفة والمحبة بين أبناء المجتمع؛ وهو ما يضفي على الحياة بهاءً وبهجةً، وحتى ندرك أهمية إفشاء السلام، فإن علينا أن نتدبر هذه الأحاديث الشريفة:عن أبي هريرة - رضي الله عنـه - قال: قال رسـول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تدخلـون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا؛ أَوَ لا أدلُّكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم».
وعن أبـي يوسف عبـد اللـه بن سلام - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يا أيها الناس! أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصِلُوا الأرحام، وصَلُّوا والناس نيام؛ تدخلوا الجنة بسلام».
وعـن عبـد اللـه بن عمـرو بن العـاص - رضـي اللـه عنهما - أن رجلاً سأل
رسول اللـه صلى الله عليه وسلم: "أي الإسلام خير؟" فقال صلى الله عليه وسلم: «تطعمُ الطعام، وتقرأُ
السلام على من عرفت ومن لم تعرف».
إن من يتأمَّل هذه الأحاديث يجد الآتي:
1- أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يجعل إفشاء السلام بين الناس مفتاحَ المحبة بينهم، ويجعل المحبة بين الناس باباً للإيمان الذي لا يدخل العبد الجنة دونه؛ فما أعظم هذا المفتاح (إفشاء السلام) الذي يوصل إلى الجنة! وقد أكد هذا المعنى الحديثُ الثاني؛ فإفشاء السلام من الأعمال التي تُدخِل المسلم الجنة بسلام.
2-أن الرسول صلى الله عليه وسلم يحدد أكثر أعمال الإسلام ثواباً، ويجعل إفشاء السلام –
وطبعاً يكون هذا قولاً وعملاً - من أوائل هذه الأعمال؛ وهو ما يدل على أهميته في حياة المسلمين وثقافتهم وتكوينهم النفسي والعقلي، على العكس مما يروِّج له الغرب الآن من ظاهرة (الإسلامفوبيا) التي اخترعتها العقلية الغربية غير المنصفة.
3- تأكيـد أهميـة إلقـاء السـلام علـى من نعرف ومن لا نعرف ممن نقابلهم في الطريق.
4- أن إفشاء السلام لون من ألوان العطاء غير المنظور، وهو عطاء جليل النفع عظيم الأثر في الفرد وفي المجتمع، وهو سهل ميسـور في كـل وقت وكـل مكـان؛ ومع ذلك نرى هذه الأيام كثـرةً من الناس لا تدرك أهمية هذا اللون من العطاء، ومن ثَمَّ لا تحافظ على بَذْلِه رغم أنه لن يكلِّفها شيئاً.
5- أن إفشاء السلام بين الناس دليل على الرقي والتحضر، إضافة إلى كونه يوطِّد أواصر المحبة والأُلفة بين أبناء المجتمع، وهو سلوك سوي يعبِّر عن نضج الشخصية التي تمارسه، وقدرتها على تكوين علاقات اجتماعية صحية مع الآخرين، ونشر الخير والتراحم
الى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته