أسمــــــاء الله الحســـنى وصفـــــــاته الحلقــة الأربعــــــون بعد المائــتين في موضـــوع المعـــطي

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة

الأربعون بعد المائتين في موضوع (المعطي) وهي بعنوان :

*الحياة أخذ وعطاء :

هناك من يعطي بحذر وعيناه تسبقه إلى العائد ،وهناك من يعطي بقدر ما يأخذ ، وهناك من يعطي الكثير ليأخذ الكثير ، وهناك من يعطي ولا ينتظر المقابل إلا من الله ولكنه يتأثر بسوء رد الفعل .

أود في هذا الموضوع أن أوجه حديثي للفئتين الأخيرتين، فأنت تجد شخصا

 يعطيك الكثير لأن ظروفه تسمح بذلك ولكنه ينتظر منك أيضا الكثير ويُحبَط إذا لم تستطع أن ترد بالقدر الذي يريده.

الموضوع ليس محدود بفئة معينة فقد يكون نفس الشخص في موقف الآخذ أو المعطي بشكل تبادلي مع تغير أحداث الحياة وتقلبها ولكن المشكلة أنك

حين تعطي تدفعك الطبيعة الانسانية أن تنتظر مقابلاً مساوياً وغالبا ما تكون النتيجة محزنة مما يثير احباطك لأنك لا تستطيع أن تفهم ما الذي حدث وكيف يكون هذا جزاءك. هذه العلاقة قد تكون بين آباء وأبناء .. بين زوج وزوجة .. بين الأصدقاء والاخوة وعلى الرغم من اني سأتناول نماذج محدودة إلا أن الفكرة واحدة للجميع

مسألة العطاء بالنسبة للبعض هي متعة بمعنى الكلمة ورد الفعل المحبِط الذي يحدث يجبر هذا المعطاء على كبح جماح عطائه بشكل خاطئ لسوء تقدير منه للموقف مما يدخله في دائرة الاكتئاب والتشاؤم وفقد الثقة في الآخرين.

لكن هناك خطأ فعليا في هذه المعادلة لأن العطاء يحتاج لضوابط وأساليب حكيمة في التعامل به حتى لا ينقلب إلى الضد ويصل بنا الأمر إلى أن يكون العطاء سببا لأن نكره جميع من حولنا بدلا من أن يزيدنا حبا لهم، والوحيد الذي يمكنك أن تعطيه بلا أي ضوابط وأي تفكير وبلا أي حدود هو الخالق سبحانه أما البشر فالأمر يختلف كثيرا، وهذه ليست دعوة للتوقف عن العطاء بل هي دعوة للحكمة فيها حتى تستطيع أن تستمتع بهذا العطاء وأن تُمتع من حولك به إلى أن يشاء الرحمن.

المسألة ليست دائما في شخص من تعطيه، وليس معنى سوء رد الفعل أنه عيب في شخص من أمامك، الله سبحانه بحكمته خلقنا مختلفين، والعيب قد يكون فيك أنت لأنك حمَّلت من حولك أكثر من طاقتهم، وأعطيتهم أكثر من قدرتهم على الرد، وعاملتهم جميعا برؤية خاصة بك ولم تُقدر ظروف وطباع من أمامك، وربما يأتي ذلك بشكل تلقائي مع طباع هذا الزمن وهي التركيز على الاحتياج الشخصي وجعل جميع الأحداث المحيطة في اطار ضيق لا يخرج عن رؤية أنانية من زاوية واحدة بدلا من تقدير ظروف الآخرين، هناك من يقول “وأنا مالي بالناس اللي عايز يقبلني يقبلني زي ما أنا، أنا مش حأتعامل بشكل مختلف علشان خاطرهم”، ولكنك حين تهتم بالآخرين وتعلمهم كيف تتعامل معهم وتقدرهم أنت في نفس الوقت تعلمهم كيف يهتمون بك وبمشاعرك لذا فأنت أول المستفيدين.

الى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته