أسمـــاء الله الحســـنى وصفـــــــاته الحلقــة الثالثة عشرة بعد المائــتين في موضـــوع المعـــطي
نبذة عن الصوت
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة
الثالثة عشرة بعد المائتين في موضوع (المعطي) وهي بعنوان :
*دَرَجَاتُ الْعَطَاءِ وَمَنَازِلُ الشُّهَدَاءِ :
((مَعَانٍ عَظِيمَةٌ لِلْوَطَنِ)) فَـ(الْوَطَنُ) كَلِمَةٌ صَغِيرَةٌ وَاحِدَةٌ؛ وَلَكِنَّ مَعْنَاهَا عَظِيمٌ
جَلِيلٌ، فَهُوَ التُّرْبَةُ الَّتِي مِنْهَا خَرَجْنَا، وَعَلَيْهَا دَرَجْنَا، وَفِيهَا حَيَاتُنَا، وَإِلَيْهَا مَرْجِعُنَا وَمَآبُنَا.
وَهَلْ كَانَ الْوَطَنُ إِلَّا أَنْتَ، وَتِلْكَ الْعِظَامَ الَّتِي اخْتَلَطَتْ بِأَرْضِهِ مِنْ عِظَامِ
آبَائِكَ وَأَجْدَادِكَ مِنَ الْقِدَمِ؟!!
فَأَنْتَ بَعْضُ الْوَطَنِ، وَالْوَطَنُ كُلُّكَ؛ فِي حِيَاتِهِ حَيَاتُكَ وَلَوْ مُتَّ، وَفِي مَوْتِهِ مَوْتُكَ وَلَوْ حَيِيتَ.
وَلَا تَحْسَبَنَّ حَيَاتَكَ هِيَ تِلْكَ الْأَيَّامَ الْقَصِيرَةَ الَّتِي تَقْضِيهَا فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا، تَأْكُلُ وَتَشْرَبُ، وَتَلْهُو وَتَلْعَبُ؛ إِنَّمَا حَيَاتُكَ أَجَلُّ مِنْ ذَلِكَ وَأَعْظَمُ، هِيَ ذِكْرَى الْمَاضِي، وَعِظَةُ الْحَاضِرِ، وَأَمَلُ الْمُسْتَقْبَلِ، هِيَ كُلُّ هَذَا، وَكُلُّ هَذَا هُوَ الْوَطَنُ.
الْوَطَنُ هُوَّ الْأَرْضُ الَّتِي طَوَيْنَا فِيهَا ثَوْبَ طُفُولَتِنَا الْمَرِحَةِ، وَلَا نَزَالُ نَطْوِي فِيهَا رِدَاءَ شَبَابِنَا وَشَيْخُوخَتِنَا، وَالَّتِي نَشَأْنَا فِيهَا وَأَحْبَبْنَاهَا وَفَضَّلْنَاهَا -بِحُكْمِ الطَّبْعِ وَاللُّغَةِ وَالنَّشْأَةِ- عَلَى كُلِّ بَلَدٍ سِوَاهَا.
هَذِهِ هِيَ فِطْرَةُ الْإِنْسَانِ، وَتِلْكَ هِيَ سُنَّةُ اللهِ فِي خَلْقِهِ.
((الْوَطَنِيَّةُ فِي الْإِسْلَامِ)) الِانْتِمَاءُ فِي اللُّغَةِ: هُوَ الِانْتِسَابُ وَالِاعْتِزَاءُ.
«وَالسُّؤَالُ: هَلْ يُحَرِّمُ الْإِسْلَامُ أَوْ يَمْنَعُ أَنْ يَنْتَسِبَ الْمُسْلِمُ إِلَى وَطَنِهِ أَوْ دَوْلَتِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ؟!!
وَالسُّؤَالُ تَحْدِيدًا هُوَ: هَلْ الِانْتِسَابُ إِلَى الْوَطَنِ وَالدَّوْلَةِ مِمَّا يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِ؟!!
هَلِ الْوَطَنِيَّةُ صُورَةٌ مِنْ صُوَرِ الْوَثَنِيَّةِ الْمُعَاصِرَةِ كَمَا يَزْعُمُ بَعْضُ النَّاسِ؟!!
الِانْتِمَاءُ إِلَى الْأُمَّةِ الْمُسْلِمَةِ أَصْلٌ مُقَرَّرٌ فِي الشَّرْعِ؛ فَالْمُسْلِمُونَ أُمَّةٌ عُدُولٌ،
قَالَ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا-: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى
النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} [البقرة: 143].
وَهُمْ خَيْرُ الْأُمَمِ؛ قَالَ -جَلَّ وَعَلَا-: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} [آل عمران: 110].
وَهُمْ أَتْبَاعُ مِلَّةٍ وَاحِدَةٍ اتَّفَقَ عَلَيْهَا جَمِيعُ الْأَنْبِيَاءِ؛ يَنْتَسِبُونَ إِلَيْهَا، وَيَجْتَمِعُونَ عَلَيْهَا، قَالَ -جَلَّ وَعَلَا-: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 92]، وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} [المؤمنون: 52].
الى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته