أسمـــاء الله الحســـنى وصفـــاته الحلقـــة التاسعة والتسعـــــون بعد المائــــــة في موضـــوع المعـــطي

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة

التاسعة والتسعون بعد المائة في موضوع (المعطي) وهي بعنوان :

* التربية بالعطاء :

العطاء التربوي في المنهج الإسلامي يبتدئ من الصغر، فيتربى الولد عليه منذ أن يبدأ في الإدراك والفهم، ولذلك فالعلماء يوصون بتعليم الأطفال الصدقة منذ نعومة أظفارهم، وليكن ذلك مما يسمى (مصروفهم الشخصي)، فيتعلم الولد أن ينفق مما يحب. كما يجب أن يتعلم الطفل كيف يبذل ويعطي من جهده في مساعدة الآخرين وليكن ذلك لله سبحانه.

لا تكاد تفارق مخيلة أحدنا صورة والدته وهي تؤثره على نفسها في طعام يحبه، أو صورة والده وهو يجزل له عطاء يحبه مجازاة له على عمل بسيط قام به رجاء تشجيعه، أو صورة معلمه بينما ينسب الفضل إليه أمام معلميه وزملائه في عمل قام به في مدرسته وأهمل المعلم ذكر نفسه... وهكذا.

كلها صور راسخة في النفس لا تستطيع الأيام أن تمحوها، بل كلها تزيد حب صاحبها في قلوب من حدثت معه، وتصبح ذكرى عاطرة كلما تذكرها. إنها كلها نماذج للعطاء، وهي مهما رأيتها صغيرة، ترسخ في نفس الطفل وينبني عليها جزء كبير من مشاعره وأفكاره، وتكبر معه كصفة مهمة من صفات حياته يعول عليها كثيرا في استقامته وقوة شخصيته ونجاح تعاطيها مع الحياة.

المنهج التربوي الإسلامي اهتم بهذا النوع من التربية (التربية بالعطاء)، ونقلت إلينا السيرة النبوية كثيرًا من التوجيهات في ذلك، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس" (البخاري)، وبرغم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن غنيا بالمال إلا أن كرمه وعطاءه وجوده كان سخيا إلى أقصى الدرجات، فعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: «جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِبُرْدَةٍ، فَقَالَ سَهْلٌ لِلْقَوْمِ: أَتَدْرُونَ مَا الْبُرْدَةُ؟ فَقَالَ الْقَوْمُ: هِيَ الشَّمْلَةُ، فَقَالَ سَهْلٌ: هِيَ شَمْلَةٌ مَنْسُوجَةٌ فِيهَا حَاشِيَتُهَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ: أَكْسُوكَ هَذِهِ، فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُحْتَاجًا إِلَيْهَا فَلَبِسَهَا، فَرَآهَا عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ: مَا أَحْسَنَ هَذِهِ فَاكْسُنِيهَا، فَقَالَ: نَعَمْ، فَلَمَّا قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَامَهُ أَصْحَابُهُ قَالُوا: مَا أَحْسَنْتَ حِينَ رَأَيْتَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَخَذَهَا مُحْتَاجًا إِلَيْهَا ثُمَّ سَأَلْتَهُ إِيَّاهَا، وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُ لَا يُسْأَلُ شَيْئًا فَيَمْنَعَهُ، فَقَالَ: رَجَوْتُ بَرَكَتَهَا حِينَ لَبِسَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَعَلِّي أُكَفَّنُ فِيهَا» (البخاري).

الى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته