أسمـــاء الله الحســـنى وصفـــاته الحلقـــة الثامنة والسبعـــــــــون بعد المائــــة في موضـــوع المعـــطي

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة

الثامنة والسبعون بعد المائة في موضوع (المعطي) وهي بعنوان :

*قواعد وفوائد في الأموال من كلام ابن تيمية :

الفريق الثالث: الأمة الوسط، وهم أهل دين محمد صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه على عامة الناس وخاصتهم إلى يوم القيامة، وهو إنفاق المال والمنافع للناس -وإن كانوا رؤساء- بحسب الحاجة، إلى صلاح الأحوال، ولإقامة الدين، والدنيا التي يحتاج إليها الدين، وعفته في نفسه، فلا يأخذ ما لا يستحقه فيجمعون بين التقوى والإحسان{إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}النحل: 128

ولا تتم السياسة الدينية إلا بهذا، ولا يصلح الدين والدنيا إلا بهذه الطريقة. وهذا هو الذي يطعم الناس ما يحتاجون إلى طعامه، ولا يأكل هو إلا الحلال الطيب، ثم هذا يكفيه من الإنفاق أقل مما يحتاج إليه الأول، فإن الذي يأخذ لنفسه، تطمع فيه النفوس، ما لا تطمع في العفيف، ويصلح به الناس في ديتهم ما لا يصلحون بالثاني؛ فإن العفة مع القدرة تقوي حرمة الدين.

وهذا الذي ذكرناه في الرزق، والعطاء، الذي هو السخاء، وبذل المنافع، نظيره في الصبر والغضب، الذي هو الشجاعة ودفع المضار. فإن الناس ثلاثة أقسام:

قسم يغضبون لنفوسهم ولربهم، وقسم لا يغضبون لنفوسهم ولا لربهم،

والثالث -هو الوسط- الذي يغضب لربه لا لنفسه، كما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: (مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ: خَادِمًا لَهُ، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا دَابَّةً، وَلَا شَيْئًا قَطُّ، إلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَلَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ فَانْتَقَمَ لِنَفْسِهِ قَطُّ، إلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرُمَاتِ اللَّهِ، فَإِذَا اُنْتُهِكَتْ حُرُمَاتُ اللَّهِ لَمْ يَقُمْ لِغَضَبِهِ شَيْءٌ حَتَّى ينتقم لله).

فأما من يغضبه لنفسه لا لربه، أو يأخذ لنفسه ولا يعطي غيره. فهذا القسم الرابع، شر الخلق؛ لا يصلح بهم دين ولا دنيا.

كما أن الصالحين أرباب السياسة الكاملة، هم الذين قاموا بالواجبات وتركوا المحرمات، وهم الذين يعطون ما يصلح الدين بعطائه، ولا يأخذون إلا ما أبيح لهم، ويغضبون لربهم إذا انتهكت محارمه، ويعفون عن حقوقهم، وهذه أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم في بذله ودفعه، وهي أكمل الأمور. وكل ما كان إليها أقرب، كان أفضل" انتهى.

الى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته