أسمـــاء الله الحســـنى وصفـــاته الحلقـــة الثانية والخمســـــــــون بعد المائــــة في موضـــوع المعـــطي

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة

الثانية والخمسون بعد المائة في موضوع (المعطي) وهي بعنوان :

*النخل رمز الكرم والعطاء الإلهي :

إنَّ أغلب الدول الإسلاميَّة تنتشر فيها صَحراوات شاسعة، يمكن استثمارُها من خِلال توظيف زراعتها بالنخيل كموردٍ غذائي مُتاحٍ وبشكلٍ مخطَّط، ومن خِلال تَوطِين البدْو ومواجهة مشكلات المياه والتصحُّر، ونقص الخِبرات والتكنولوجيا، ولا بُدَّ من التوسُّع في زراعة الصحاري، والبدء بمهمَّةٍ جديدةٍ، وعزمٍ لا يعرف الملل؛ حتى نقتطع من صَحارِينا المتاخمة بعضَ الأراضي لنُعِيد إليها خُصوبَتها ونماءها.

ولا نَنسى أنَّ هناك نُظُمًا مختلفةً تُتِيح الاستفادة الوفيرة من أرض الصحراء بكلِّ بلدان العالم العربي والإسلامي.

النخلة شجرة التمر، وسيِّدة الشجر، والجمع نخْل ونخِيل، ويُقال: نخْلات، والنخل اسمٌ يُذكَّر ويؤنَّث فنقول: هو النخل، وهي النخل، أمَّا النخيل فمؤنثة.

ها هو ذا جذع النخلة يَتطاوَل باسقًا في زُرقَة السماء الرائعة؛ يقول الله –

تعالى -: ﴿ وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ ﴾ [ق: 10].

وها هو ذا سعف النخل يتشكَّل أطباقًا ليُظلِّل الصحراء العربيَّة بأحلى الألوان وأرقِّ الطُّيوف، ويُظِلُّ البشر والإنسان تحت جُذوعِه.

النخلة أمنٌ وأمانٌ، مِعطاءة كريمة، وهي المثل للكرم العربي نفسه؛ قال - تعالى -: ﴿ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾الأنعام: 141

والنخيل من أقدم الشجر الذي عرَفَه الإنسان، ويُقال بأنَّ عمر شجرة النخيل يربو على مائة وخمسين عامًا، وأنَّ الجزيرة العربية والخليج العربي موطنها الأصلي، ومنه انتقلت إلى بابل بالعراق القديم، وقد أدخَلَ العرب هذه الشجرة إلى إسبانيا.

في التمر مادَّة قابضة تساعد على الولادة ومنع النزيف بعدها:

ويقول ابن وحشية - أقدم مُؤرِّخي العرب في علوم الزراعة، والمتوفَّى في النصف الأخير من القرن الرابع الهجري - في كتاب "الفلاحة"، والذي أسهب في الحديث عن فلاحة الأرض وإصلاح الزرع والشجر والثمار ودفْع الآفات عنها، وتحدث فيها عن أنواع النبات المختلفة؛ كالأشجار والحبوب والأزهار، وكيفيَّة زرعها وريِّها وتسميدها - يقول ابن وحشية: "وإنَّه يحتمل أنْ تكون جزيرة حرقان الواقعة على الخليج العربي بالبحرين هي الموطن الأصلي الذي نشَأَتْ فيه نخلة البلح ومنه انتقلت إلى بابل".

تاريخ مشتركٌ بين العرب والنَّخل، بل كما تغنَّى العربي في ناقته وفي صَحرائه تغنَّى بنَخلِه ونَخِيله، تغنَّى بها طَلْعًا - وهو أوَّل التمر - ثم غنَّاها وهي خَلال -

وهو ما اخضرَّ من التمر - ثم شدا بها بُسْرًا ثم رطبًا ثم تمرًا؛ يقول امرؤ القيس واصفًا شعر المرأة مثل قنو النخيل:

وَفَرْعٍ يَزِينُ المَتْنَ أَسْوَدَ فَاحِمٍ  ****** أَثِيثٍ كَقِنْوِ النَّخْلَةِ الْمُتَعَثْكِلِ

أمَّا زهير بن أبي سُلمَى فيقول: ****وَهَلْ يُنْبِتُ الْخَطِّيَّ إِلاَّ وَشِيجُهُ

وَتُغْرَسُ إِلاَّ فِي مَنَابِتِهَا النَّخْلُ

الى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته