أسمــــــاء الله الحســــــنى وصفـــــــاته الحلقـــة الأربعـــــــون بعد المائـــــــة في موضـــوع المعـــطي

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة

الأربعون بعد المائة في موضوع (المعطي) وهي بعنوان :

*فضل العطاء والسخاء :

العطاءُ عبادةٌ وشكرٌ لله على النِّعَم، ورسولُنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - قدَّم أروعَ صور العطاء؛ أعطى كلَّ شيء، ومن كلِّ شيء، ولم يُبقِ في يده ولا من نفسه أيَّ شيء.

يقول جابرٌ - رضي الله عنه -: "ما سُئِل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا قطُّ فقال: لا، سألَه رجلٌ غنَمًا بين جبلَيْن فأعطاه إيَّاها"، وبلغَ من عطائه: أنه أعطى ثوبَه الذي على ظهره، ومن عطائه لأمَّته: أنه سخَّر حياتَه لها نذيرًا وبشيرًا قائلاً: ﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾ [سبأ: 46].

ومن عطائه: أنه وهبَها حُبًّا لا يُبارَى، وشفقةً لا تُجارَى، وكان كثيرًا ما يقول: «لولا أن أشُقَّ على أمَّتي لأمرتُهم ..» بكذا.

وعندما سألَه رجلٌ عن الحجِّ: أكلَّ عامٍ يا رسول الله؟ قال: «لو قلتُ: نعم،

لوجبَت ولما استطعتُم».

وما زال يقول: «اللهم أمَّتي، أمَّتي»، حتى قال له ربُّه: «إنا سنُرضِيكَ في أمَّتِك ولا نسوؤُك».

ومن فيضِ خير النبي - صلى الله عليه وسلم - وبركتِه: أن عطاءَه موصولٌ إلى يوم القيامة، ومضى أصحابُه وإخوانُه على نهجِه، ينهَلون من مَعين عطائه حتى غدَوا قِمَمًا في العطاء.

قال في أبي بكرٍ - رضي الله عنه -: «ما نفعَني مالٌ قطُّ ما نفعَني مالُ أبي

 بكر»، فبكى أبو بكرٍ - رضي الله عنه - وقال: هل أنا ومالي إلا لك يا رسول الله؟!

وكان المِعطاءُ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يتعاهَدُ كلَّ ليلةٍ عجوزًا عمياءَ مُقعَدةً بما يُصلِحُها ويُخرِجُ الأذَى عن بيتِها.

ومُصعبُ بن عُميرٍ - رضي الله عنه - يُقدِّمُ صورةً من صُور العطاء؛ فيقدُمُ المدينة وفي غُضونِ عامٍ يدخلُ الإسلامُ أكثرَ بيوت المدينة.

ووقفَ سعدُ بن معاذ مُعبِّرًا عن عطاء الأنصار بالنَّفسِ والنَّفيس فقال: "يا

 رسول الله! والذي بعثَكَ بالحقِّ؛ لو استعرضتَ بنا هذا البحرَ فخُضتَه لخُضناه معك، صِل من شئت، واقطَع من شئت، وخُذ من أموالِنا ما شِئت، وما نكرهُ أن نلقَى عدوَّنا غدًا، وإنا لصُبرٌ عند الحرب، صُدْقٌ عند اللقاء، لعلَّ اللهَ يُريكَ منَّا ما تقرُّ به عينُك".

أما ابنُ عباس - رضي الله عنهما - فكان عطاؤه: أنه يجلِسُ في الحرم بعد الفجر فيقول: "هيَّا، عليَّ بأهل القرآن"، فيأتي أهلُ القرآن فيقرؤون إلى طلوع الشمس فيقول: "ارتفِعوا، ائتُوا بأهل الحديث"، فيسألونَه، ثم إذا انتهَى منهم قال: "ارتفِعوا، ائتُوا بأهل الفقهِ"، ثم أهل التفسير، ثم أهل العربية، وهكذا، ثم يُربِّي أصحابَه؛ فجمعَ في عطائِه الحُسنَيَيْن: بذلَ العلمِ، وكرمَ اليد.

عطاءٌ مُتدفِّقٌ في كلِّ ميدان، غيَّر به الجيلُ الأولُ مسارَ الأحداث وأعادُوا كتابةَ التاريخ، وما أجملَ أن يتَّصِفَ المسلمُ بالعطاء وحبِّ الخير للآخرين، والعطاءُ الصادقُ لا يحُدُّه حدٌّ، ولا يُقيِّدُه شرطٌ، عطاءٌ لمن تحبُّ ومن لا تحبُّ.

الى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته