أسمـــاء الله الحســـنى وصفـــاته الحلقـــة الخامسة عشرة بعد المائــــة في موضـــوع المعـــطي
نبذة عن الصوت
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة
الخامسة عشرة بعد المائة في موضوع (المعطي) وهي بعنوان :
*العطاءات المدهشة :
فإذا انتقلنا إلى السنة النبوية واجَهَنا حشدٌ هائل من الأحاديث التي تفيض بالثناء العاطر على العلم وتكريم العلماء، نَقتطِف منها قوله صلى الله عليه وسلم: ((طلب العلم فريضة على كل مسلم))؛ رواه البيهقي وابن عبدالبر، وقوله: ((وإن طالب العلم يَستغفِر له كل شيء حتى الحيتانُ في البحر))؛ رواه ابن عبدالبر، والحديث الأول: مبدأ مِن مبادئ حقوق الإنسان في الإسلام، لم يَستطِع عالَمُنا المعاصر تحقيقه حتى اليوم، فإذا كان التعليم إلزاميًّا في المرحلة الابتدائية، فإنه عند المسلمين إلزام وفريضة في كل مراحل العمر.
وبالنسبة للحديث الثاني، فإن تعليقًا للإمام الغزالي - رحمه الله - يقول فيه: "أيُّ منصب أعلى ممَّن تشتغل الملائكة بالاستغفار له؟"، هذا التعليق يكفينا مؤونة الحديث عنه، أو التعليق عليه، ولقد شجَّع صلوات الله عليه وسلامه العلماء، وحثَّ الناس على الأخذ بالعلم، والتفقُّه فيه بالقول والعمل، فجعل فداء الأسرى تعليم بعض أبناء المسلمين، وجعل صداق المرأة تعليمها، والإنصاف يَقتضينا أن نقول: إن رسول الله عبَّأ كل القوى المؤمنة ودفَعها لنشر العلم وتيسيره بين الناس في مدرسة الأرقم بن أبي الأرقم في مكة، وفي مدرسة مصعب بن عمير في المدينة، بل وفي خارج الجزيرة في الحبشة في مدرسة جعفر بن أبي طالب.
أما أداء المؤمنين وتكريمهم للعلم والعلماء، فإن من الخير أن نُعيد إلى ذهن
القارئ هذه القصة، ففيها كل الغَناء، بل وفيها الإشارة التي تُغني عن العبارة إلتي كان يتمتَّع به العلماء مِن شرف عظيم في نظر الملوك والأمراء، مما يستحق أن يكون مضرب المثل عن حضارة الإنسان المسلم ورقيِّه.
ومضمون تلك القصة أن المأمون اختار الفرَّاء لتأديب ولدَيه، وحين كان
يَجلس الفراء لإلقاء درسه كان يَخلع نعليه، فإذا انتفض قائمًا، تسابَق الوَلدان في حمل نعله إليه، وعلم بذلك الخليفة، فسأله يومًا: مَن أعزُّ الناس يا فرَّاء؟ قال الفرَّاء: أمير المؤمنين أعزُّ الناس، فقال: لا والله؛ إنَّ أعز الناس من
يتسابق وليَّا عهد المسلمين في حمل نعله إليه.
الى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته