أسمـــاء الله الحســـنى وصفـــاته الحلقـــة الخامسة والثمانـــــون في موضـــوع المعـــطي

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :فهذه الحلقة

الخامسة والثمانون في موضوع (المعطي) وهي بعنوان :

*بعض ما قيل في العطاء! :

#قال تعالى  : { ولسوف يعطيك ربك فترضى } - الضحى، 5 فما أجمل العطاء، وما أمثل الرضا!

فالآية وإن كان لها سبب نزول إلا أنها تتواصل مع كل إنسان، ولا بِدع في

 ذلك، خاصة إذا تذكرنا الآية ...وما كان عطاء ربك محظورا- الإسراء، 20.

#العطاء جزء من الكرم، بل يكون هو الكرم في صور كثيرة، وهو جزء من كينونة الإنسان السامي، منه وإليه، والمثل الصيني يقول:

مثلما يعود النهر إلى البحر هكذا يعود عطاؤك إليك.

#العطاء له لذة لا يعرفها إلا من أعطى لمجرد العطاء، وقد فطن بشار بن برد لهذا المعنى، فقال: ليس يعطيك للرجاء ولا الخَو (م) فِ ولكنْ يلذّ طعم العطاء

الكرم الحقيقي ليس مقايضة عطاء بثناء، ولكنه صفة نفسية جعلت صاحبها

 يعشق الفعل، ويسعد به، وقد ورد أن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب - وكان من أجواد العرب - سار في البادية ومعه صديق، فمرّا بأعرابية عجوز لا تعرفهما، فقدمت لهما لبنًا، فأعطاها عبدالله ألف درهم.

#وحين انصرفا قال له صديقه: أتعطي عجوزًا في البادية ألف درهم وهي لا تعرفك؟

فقال: إن كانت لا تعرفني فأنا أعرف نفسي! فما أجمل هذه العبارة !

#وقد نسبت إلى حاتم الطائي قصة مماثلة، حيث اشتهر حاتم بالكرم.

#وذكر أن أعرابيًا التقاه، فما أعطاه حاتم شيئًا لسبب ما، فكان الرجل

يحدّث أن حاتمًا أكرمه وأغدق عليه فبلغ الأمر حاتمًا، فأرسل إليه يسأله - كيف يحدّث بما لم يكن،فأجابه:وهل يصدّقني أحد إن أنا قلت: لم يعطني شيئًا؟

#الكريم يحبه الناس حتى ولو كان فيه عيب في خُلُقه أو في خَلْقه، وفي ذلك يقول الإمام الشافعي:

تستَّر بالسخاء فكلٌّ عيب *****  يغَطيه -كما قيل- السخاء

المتنبي يدرك هذا، ولكنه يدرك ما هو أبعد منه- ألا وهو طبائع الناس

 والحياة، لهذا قال:

لولا المشقة ساد الناس كلهم ******* الجود يفقر والاقدام قتال

مع أن المتنبي اتُّهم بالبخل إلا أن بعض أبياته فيها موقف جدير بنا أن نتمثله:

وآنف من أخي لأبي وأمي  ********* إذا ما لم أجده من الكرام

العطاء أو الكرم يستحسن إذا كان بعيدًا عن المظاهر- "شوفوني يا ناس"- أي بعيد عن المراءاة، وصدق ابن الرومي في قوله:

ليس الكريم الذي يعطي عطيتَهُ  ********* على الثناء وإن أغلى به الثمنا

بل الكريم الذي يعطي عطيته  ****لغير شيء سوى استحسانه الحسنا

لايستثيب ببذلِ العُرْفِ محْمدة ً ***** ولا يَمُنُّ إذا ما قَلَّد المِننا

حتى لتحسب أن الله أجبَرَهُ   ***** على السماحِ ولم يَخْلُقْهُ مُمْتَحَنا

ابن الرومي يذكر أن هناك من يقلّد المنن، فالمَنّ هو ذكر العطية أو الفعل على صورة يتأذى بها الآخذ، فيعتدّ بها المعطي.

وهذا هو الأذى الذي ورد في الذكر الحكيم {قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى} - البقرة، 263.

الى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته