أسمـــاء الله الحســـنى وصفـــاته الحلقـــة التاسعة والخمســـــون في موضـــوع المعـــطي
نبذة عن الصوت
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :فهذه الحلقة
التاسعة والخمسون في موضوع (المعطي) وهي بعنوان :
*البلاء موكّل بالمنح والعطاء :
من كان مقصده وجه الله، فمهما يعطوه ويفتحوا عليه من أبواب الدنيا لا يلتفت إليها شُغلاً بذات الله عزوجلّ، وحتى لو عرضوا عليه جمالات الآخرة وأنوار الملكوت أيضاً لا ينظر إليها شُغلاً بالحيّ الذي لا يموت وهذا ما أدّب الله عزوجلّ به جماعة المؤمنين حين أخبر عن سيد الأولين والآخرين صلّى الله عليه وسلّم، حينما عرضت عليه الجمالات الربانية في الملكوت الأعلى بكل أنواعها وبكل أصنافها لكنه كما قال الله :
﴿ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ﴾ (النجم:17) البصر لم يزغ لا هُنا ولا هُنا، ولا حتى إنشغل بالعرش ولا بالكرسي ولا بالأسماء ولا بالصفات ولا بالجنات ولا بالملكوت لأنه كان مُولِّي وجهه تجاه الحيّ الذي لا يموت عزوجلّ .. وقد قال الإمام أبو العزائم رضى الله عنه وأرضاه :
[ من كان الله مراده فمقعد صدقٍ وراء ظهره ] يعني لو ظهر له مقعد الصدق لا يلتفت إليه ولا يقبل عليه ولا ينشغل به لأنه يريد وجه الله عزوجلّ، فقد كان ولا يزال على ذلك كُمّل العارفين وأئمة المتقين في كل وقتٍ وحين .
جنّة الخُلد لو ظهرت بطلعتهــــا لفارقت حُسنها بالزُهد همّتهم
لا كفء لله يحجبهم فيشغلهم أحدٌ تعالى تعلمه ســــــــريرتهم
فمن هو السالك يا أبا العزائم ؟نريد أن نعرف على من تنطبق كلمة السالك ؟
فلا علاقة لنا بالواصل ولا بالعارف ولا بالمتمكن ــ ولكن على قدر حالنا ــ من هو السالك ؟
قال : من توّحد مطلوبه ورضي بما قسمه له محبوبه فأصبح مطلوبه هو الله عزوجلّ وكل مافي الكون وسائل لتحقيق هذا الأصل وهذه البغية وهذه الرغبة وليست غايات ولا نهايات يقف عندها، وإنما هي وسائل لمطلبه الأعظم ومطلبه الأكرم وهو وجه الله عزوجلّ .
حتى لو أفاض الله عليه علماً إلهامياً لا يشغله ذلك عن مطلبه الأسمى وهو
وجه الله عزوجلّ، ولو رزقه الله كشفاً كونياً ملكوتياً أيضاً لا يشغله ذلك عن الله عزوجلّ .
ليس معنى هذا أن يترك الإنسان الأشياء التي يحتاج إليها ولكن يسعى إليها بحكمة ويضعها في يده ولا يشغل قلبه ولا فؤاده إلا بالله عزوجلّ .
مانتحدّث عنه يا إخوانا هو الفؤاد حتى لا يظن بعضنا أن يترك الدنيا
والشغل ويترك العيال ويترك زوجته لكي يصل إلى الله .. لا .. فهؤلاء
يقومون بما عليهم لجسمه ولكن قلبه لربه عزوجلّ .
حب الجسوم فلا يفيد نواله ***** والقلب بيتٌ عامرٌ أنا فيه
الى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته