أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة التسعون بعد المائتين في موضوع الأول والآخـــــر
نبذة عن الصوت
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه
الحلقة التسعون بعد المائتين في موضوع (الأول والآخر) وهي بعنوان : *التعلق بالأول والآخر تعلُّقٌ بالحي الذي لا يموت؛ ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾[الطلاق: 3].
كنْ معَ الله ترَ الله مَعَكْ *** واتركِ الكُلَّ وحاذِرْ طَمَعَكْ
وإِذا ضرَّكَ لا نافعَ مِن *** دونِه والضُّر لا إِن نَفَعكْ
وإِذا أعطاكَ مَنْ يمنعُهُ؟ *** ثم مَن يُعْطي إذا ما مَنَعَكْ؟
إنما أنت له عبدٌ فكنْ *** جاعلًا بالقربِ منه وَلَعَكْ
لا تُؤمِّلْ مِن سِواهُ أملًا *** إنما يَسْقيكَ مَن قد زرعَكْ
وإن مِن فقه اسمي الله: الأول والآخِر عدة أمور، منها:
♦ تعظيم المولى عز وجل في النفس، وتعظيم شعائره؛ ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 32].
♦ تعظيم حرماته، وإجلال أوامره، والوقوف عند نواهيه؛ ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ﴾ [الحج: 30].
♦ التدليل على غناه المطلق سبحانه، وأنه بكل شيء محيط، تحتاجه المخلوقات، ولا يحتاج إليها؛ قال تعالى: ﴿ وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾ [التغابن: 6]، قال ابن القيم رحمه الله: "تعبَّدْ له باسمه "الآخِر"، بأن تجعلَه وحدَه غايتَك التي لا غاية لك سواه، ولا مطلوب لك وراءه...، فإن إلى ربك المنتهى".
♦ الذي بدأ خلقك باسم "الأول" قادر إلى ردك إليه باسم "الآخِر"؛ قال تعالى: ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا
فَاعِلِينَ﴾ [الأنبياء: 104]، وقال تعالى: ﴿ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ﴾ [يس: 79]؛ بل إعادة
النشأة عليه أهون مِن النشأة الأولى؛ قال تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ﴾ [الروم: 27].
♦ عدم الاغترار بالأسباب المادية، والوثوق بالمؤهلات الذاتية، والاعتزاز بالقدرات الفردية؛ لأنها مِن الله، مستمدة مِن أوليته، فانية بآخريته؛ يقول ابن القيم رحمه الله: "وعبوديته باسمه الآخِر تقتضي عدم ركونه ووثوقه بالأسباب، والوقوف معها، فإنها تنعدم لا محالة، وتنقضي بالآخرية، ويبقى الدائم الباقي بعدها".
♦ السبق إلى فِعْل الخيرات، فلا يفتح باب خير إلا والمسلم أول مَن يلجه؛ قال تعالى: ﴿ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾ [المؤمنون: 61]، فالصلاة لأول وقتها، والصف الأول يُقترع مِن أجله، والحضور باكرًا للجمعة يستبق إليه، وصلاة العشاء والصبح تؤتى ولو حبْوًا، والمبادرة إلى الصدَقة شفاءٌ للنفوس؛ قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "أمرَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا أنْ نتصدَّقَ، فوافقَ ذلك مالًا عندي، فقلتُ: اليومَ أسْبِقُ أبا بكرٍ إنْ سَبَقْتُه يومًا، فجئتُ بنصف مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما أبقيتَ لأهلكَ؟))، قلتُ: مِثْلَه، وأتى أبو بكر رضي الله عنه بكلِّ ما عنده، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما أبقيتَ لأهلكَ؟))، قال: أبقيتُ لهم الله ورسوله، قلتُ: لا أُسابقكَ إلى شيء أبدًا"؛ صحيح أبي داود.
أنت المقدِّمُ والمؤخِّرُ أوَّلٌ *** والآخرُ الوالي وليس سواه
الظاهرُ البرُّ الرؤوفُ الباطنُ *** التَوَّابُ والمتعالي ما أعلاه
[ الأنترنت – موقع شبكة الألوكة - اسما الله الأول والآخر- د. محمد ويلالي ]
إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة ،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته