أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الواحدة والثمانون بعد المائتين في موضوع الأول والآخر

نبذة عن الصوت

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه

الحلقة الواحدة والثمانون بعد المائتين في موضوع (الأول والآخر) وهي بعنوان : *خطبة عن اسم الله (الأَوَّلُ وَالآخِرُ ) :

إذن: فهو الأول لأنه الواحد الذي لا شريك له، والواحد منه الانطلاق العددي والخلقي والكوني والحركي، وأوليته بلا بداية، فإذا نظرنا إلي وجود شيء نجد سبق الأولية فيه لله، وعندما ينتهي الشيء نجد انتهاءه بأمره، فهو الآخر، وعندما يبدأ الشيء نمواً وصعوداً يكون الأول، فأوليته أبدية وآخرته لا نهائية.

أيها المسلمون : واعتقاد المسلم وإيمانه باسمه تعالى : (الأَوَّلُ وَالآخِرُ ) ، له آثاره في عقيدة المسلم وسلوكه وحياته ، فمن هذه الآثار :

 إنّ معرفة أوّليته وآخريّته تدلّ على غناه المطلق، فهو غنيّ عن العباد، كما قال تعالى:{وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَة} [الأنعام: 13]،

وقال: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر:15]،

فهو سبحانه بخلقه للعباد ملائكتهم، وإنسهم، وجنّهم، وجمادهم، فإنّما هو ليُعبد، لا لأنّه مفتقر إلى العباد.

فالأوّل: يدلّ على أنّ كلّ ما سواه حادث كائن بعد أن لم يكن.

والآخر: يدلّ على أنّه سبحانه وتعالى الغاية والمنتهى والمقصد الذي تريده جميع المخلوقات، فلا تبتغي إلاّ رضاه، ولا تريد إلاّ إيّاه.

فإذا آمن المسلم واعتقد أن الله سبحانه وتعالى هو (الأَوَّلُ وَالآخِرُ) ،علم

العبد غنى الرب من كل وجه بذاته وصفاته ، وأن كمال أوصافه أيضا أوَّلي بأولية ذاته ؛ فلم يكتسب وصفا كان مفقودا ، أو كمالا لم يكن موجودا ، كما هو الحال بين المخلوقات في اكتساب أوصاف الكمال كانت مفقودة من قبل.

ومن آثار الإيمان باسمه تعالى (الأَوَّلُ وَالآخِرُ) : أن يعلم المسلم أن أصله من طين ، وله بداية ، وله نهاية وحياة إلى حين ؛ فإذا علم ذلك أيقن أن ما قام به من الحسن فمرجعه إلى رب العالمين ، وأن الفرع لا محالة سيرجع إلى أصله ، كما ذكر الله تعالى في قوله تعالى  : (إِليْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللهِ حَقّاً إِنَّهُ يَبْدأُ الخَلقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ليَجْزِيَ الذِينَ آمَنُوا وَعَمِلوا الصَّالحَاتِ بِالقِسْطِ وَالذِينَ كَفَرُوا لهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَليمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ) [يونس:4]،

ومن آثار الإيمان باسمه تعالى (الأَوَّلُ وَالآخِرُ) : اعتراف العبد أن الفضل كله من الأول والآخر سبحانه وليس من نفسه ولا من أحد سواه

قال ابن القيم : ” فعبوديته باسمه الأول تقتضي التجرد من مطالعة الأسباب أو الالتفات إليها , وتجريد النظر إلى مجرد سبق فضله ورحمته , وأنه هو المبتدئ بالإحسان من غير وسيلة من العبد إذ لا وسيلة له في العدم قبل وجوده ؛ فأي وسيلة كانت هناك وإنما هو عدم محض وقد أتى عليه حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا , ”

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة ،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته