أسماء الله الحسنى وصفـاته الحلقة السبعون بعد المائتين في موضوع الأول والآخــــــر

نبذة عن الصوت

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه

الحلقة السبعون بعد المائتين في موضوع (الأول والآخر) وهي بعنوان :   * اسم الله الأول ( خطبة جمعة )

والثانية: ثبوت قدرة الله -تعالى- على بعث العباد بعد الموت: ذلك أن في اسم الله الأول الذي ابتدأ كل شيء من عدم دليل

على قدرته -عز وجل- على إعادته من جديد، ذلك أن الإعادة أيسر على العبيد من الإنشاء، وهما على الله سواء، وهذا ما كرره القرآن أكثر من مرة قائلًا: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [الأحقاف: 33]، ومرة أخرى يقول الجليل -عز وجل-: (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ) [الأنبياء: 104]، فكما أن الأولية منه -سبحانه- فكذا الآخرية إليه -سبحانه-.

أيها المسلمون: إن التعبد لله -تعالى- باسمه الأول، ليضفي على العبد من آثاره وفيوضاته ما الله به عليم، ومن ذلك:

أولًا: عدم التعلق بالأسباب والتعلق بمسببها؛ لأنه -تعالى- هو السابق

على كل سبب، والخالق لكل سبب، وأنه -عز وجل- لم يسبق وجوده عدم، وهو الكائن بنفسه فلم يوجده أحد، في حين أن كل ما عداه -سبحانه- قد أتى عليه وقت لم يكن موجودًا إلى أن أوجده الله -عز وجل-، قال -تعالى-: (هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا * إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا) [الإنسان: 1-2]، وعندها لا يركن العبد إلى سبب، بل يركن إلى خالق الأسباب ومسببها.

ثانيًا: دوام الافتقار إلى الله -تعالى-؛ فإذا علم العبد أن كل ما في هذا الكون من رئيس ومرءوس ومن معطٍ ومعطى ومن

محسِن ومحسَن عليه؛ إنما الجميع صور وأشكال يستعملها الله الأول -سبحانه- الذي أوجدها -ولم تكن- فيما يريد، أيقن أن

الكائنات كلها لا تفعل إلا ما أراد الله وإلا ما قدَّره وإن اعتقدت هي غير ذلك، “فتأمل عبودية هذين الاسمين وما يوجبانه من صحة الاضطرار إِلى الله وحده ودوام الفقر إِليه دون كل شيءٍ سواه، وأَن الأَمر ابتدأَ منه وإِليه يرفع؛ فهو المبتدئ بالفضل حيث لا سبب ولا وسيلة، وإِليه ينتهى الأمر حيث تنتهى الأَسباب والوسائل فهو أَول كل شيء وآخره” (طريق الهجرتين لابن القيم).

ثالثًا: مسارعة العبد إلى المعالي؛ فمن كثرة مطالعة العبد لأولية الله -تعالى- وسبقه وتقدمه في كل شيء وعلى كل أحد، ينطبع في نفسه حب الصدارة والتفوق والتقدم على جميع البشر، فيتطلع دائمًا إلى الأفضل، ويسمو إلى المعالي، خاصة وقد علم أن ذلك مراد الله -تعالى- من خلقه، فعن الحسين بن علي قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إن الله يحب معالي الأمور وأشرافها، ويكره سفاسفها” (الطبراني في الكبير)، وقد أثنى النبي -صلى الله عليه وسلم- على سلمان -رضي الله عنه-؛ لسعيه إلى المعالي فقال يقصده: “لو كان الدين عند الثريا، لذهب به رجل من فارس” (متفق عليه).

رابعًا: دعاء الله -تعالى- باسمه الأول؛ تمامًا كما كان يصنع رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، فعن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يقول إذا أوى إلى فراشه: “اللهم رب السموات والأرض، ورب كل شيء، فالق الحب والنوى، منزل التوراة والإنجيل والقرآن العظيم، أعوذ بك من شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن

فليس دونك شيء، اقض عني الدين وأغنني من الفقر” (البخاري ومسلم).

[ الأنترنت – موقع ملتقى الخطباء  - عنوان الخطبة - اسم الله الأول - الفريق العلمي ]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة ،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته