أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الثامنة والتسعون بعد المائة في موضوع الأول والآخر

نبذة عن الصوت

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه

الحلقة الثامنة والتسعون بعد المائة في موضوع (الأول والآخر) وهي

بعنوان: *( الْكِبر) أول ذنب عصي الله به : ومن أهم أسباب الكبر:

1-الفهم الخاطئ لتواضع الآخرين، فمبالغة الآخرين في التواضع، وهضم النفس من بعض الناس قد تحملهم على ترك التجمل والزينة في اللباس ونحوه، وعلى عدم المشاركة بفكر، أو برأي في أي أمر من الأمور، بل والعزوف عن التقدم للقيام بمسؤولية أو تحمل أمانة، وقد يرى ذلك من لم يدرك الأمور على حقيقتها؛ فيوسوس له الشيطان وتزين له نفسه أن عزوف الآخرين عن كل ما تقدم؛ إنما هو للفقر أو لقلة ذات اليد، وإلا لما تأخروا، أو توانوا لحظةً، وتظل مثل هذه الوساوس، وتلك التزيينات؛ تلح عليه وتحيط به من هنا وهناك؛ حتى ينظر إلى الآخرين نظرة ازدراء وسخرية، في الوقت الذي ينظر فيه إلى نفسه نظرة إكبار وإعظام، وقد لا يكتفي بذلك ، بل يحاول إبرازها في كل فرصة تتاح له، أو في كل مناسبة تواتيه، وهذا هو التكبر .     

وقد فهم السلف ذلك فحرصوا على التحدث بما يفيض الله عليهم من نعم، وعابوا على من يغفل هذا الأمر من حسابه. قال الحسن بن على-رضى الله تعالى عنهما-: “إذا أصبت خيراً أو عملت خيراً؛ فحدث به الثقة من إخوانك “، وقال بكر بن عبد الله المزني:” من أعطى خيراً فلم يُر عليه سُمِّيَ بغيضَ الله، معادياً لنعم الله “.

2-اختلال المعايير، فقد يكون السبب أو الباعث على التكبر؛ هو اختلال القيم أو معايير التفاضل عند الناس، ذلك أن الجهل قد يسود في الناس إلى حد اختلال القيم أو معايير التفاضل عندهم، فتراهم يفضلون صاحب الدنيا، ويقدمونه حتى لو كان عاصياً أو بعيداً عن منهج الله، في الوقت الذي يحتقرون فيه البائس المسكين، الذي أدارت الدنيا ظهرها له؛ حتى وإن كان طائعاً ملتزماً بهدى الله، ومن يحيا في هذا الجو؛ يتأثر به-لا محالة-إلا من رحم الله ويتجلى هذا التأثر في احتقار الآخرين، والترفع عليهم. وقد ألمح القرآن والسنة إلى هذا السبب، أو إلى هذا الباعث من خلال رفض هذا المعيار، ووضع المعيار الصحيح مكانه، إذ يقول الله-سبحانه وتعالى-: (أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين* نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون) [المؤمنون: 55، 56]، وقال-تعالى-: (وقالوا نحن أكثر أموالاً وأولاداً وما نحن بمعذبين*قل إن ربى يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر، ولكن أكثر الناس لا يعلمون*وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى، إلا من آمن وعمل صالحاً فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون) [سبأ: 35 ـ 37].

وإذ يقول النبي-صلى الله عليه وسلم-لأصحابه، وقد مرّ عليه رجل: “ما تقولون في هذا

الرجل؟ قالوا: رأيك في هذا، نقول هو من أشرف الناس، هذا حري إن خطب أن يخطب، وإن شفع أن يشفع، وإن قال أنْ يسمع لقوله، فسكت النبي-صلى الله عليه وسلم-ومرَّ رجل آخر فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-ما تقولون في هذا؟ قالوا: نقول والله يا رسول الله، هذا من فقراء المسلمين، هذا حري إن خطب لم ينكح، وإن شفع لا يشفع، وإن قال لا يسمع لقوله، فقال النبي-صلى الله عليه وسلم-: ” لهذا خير من ملء الأرض مثل هذا “. فمعيار التفاضل -لا تفاضل بأصحاب الدنيا، ولا أصحاب الجاه والسلطان، لا تفاضل بأصحاب الجمال ولا بكثرة الأتباع، ولا بأمثال هذه الأشياء-إنما معيار التفاضل (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)، “إن أقربكم منى مجلساَ يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً الموطؤون أكنافاً “وأن التدين وحسن الخلق وطاعة الله عز وجل هي المعايير التي تفاضل بين الناس.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة ،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته