أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الثالثة والثلاثون بعد المائة في موضوع الأول والآخر

نبذة عن الصوت

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه

الحلقة الثالثة والثلاثون بعد المائة في موضوع (الأول والآخر)وهي بعنوان: *كان أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة :

*من فوائد الحديثين:

واخُتلف في كيفية عبادته صلى الله عليه وسلم فقيل كان يتعبد بشريعة نبي قبله، فقيل

: نوح، وقيل: إبراهيم، وقيل: موسى، وقيل غير ذلك، والجمهور على أنه لم يتعبد بشريعة نبي قبله لأنه لو كان ذلك لنقل، وهو الأظهر والله أعلم وقوّى ابن حجر رحمه الله أنه يتعبد بشريعة إبراهيم. [الفتح (8/ 717)].

وقال القرطبي رحمه الله:" كل هذه الأقوال متعارضة لا دليل قاطع على صحة شيء منها، والأصح القول الأول، لأنه لو كان متعبداً بشيء من تلك الشرائع لعُلم انتماؤه لتلك الشريعة، ومحافظته على أحكامها وأصولها

وفروعها ولو عُلم شيء من ذلك لنقل إذ تقتضي ذلك" [المفهم (1/ 375)].

الفائدة الثالثة: الحديث دليل على أن أول ما نزل من القرآن ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾ وبه قال جمهور العلماء، وسيأتي ذكر الخلاف عند الكلام على حديث جابر رضي الله عنه الذي يليه.

الفائدة الرابعة: قوله صلى الله عليه وسلم " فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ " فيه استخدام المعلم حين تعليمه ما يكون أدعى في تنبيه المتعلم وإحضار قلبه، وفعل جبريل عليه السلام لذلك بهذه الصورة وثلاث مرات للمبالغة وإشارة إلى ما سيحصل للنبي صلى الله عليه وسلم لاحقاً من الشدة عند نزول القرآن، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما:" كان النبي صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدة" متفق عليه وهو ما يشير إليه قوله تعالى: ﴿ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ﴾ (المزمل:5).

قال القرطبي رحمه الله:" وهذا الغط من جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم تفريغ له وإيقاظ حتى يقبل على ما يُلقى إليه، وتكراره ثلاثة مبالغة في هذا المعنى، وقال الخطابي رحمه الله: كان ذلك ليبلو صبره، ويحسن أدبه، فيرتاض لتحمل ما كلّفه من أعباء الرسالة" [المفهم (1/ 376)].

الفائدة الخامسة: الحديث فيه عِظَم الآيات التي هي أول ما نزل من القرآن، حيث اشتملت على مقاصد القرآن وهي التوحيد والأحكام والأخبار.

قال ابن حجر رحمه الله:" والحكمة في هذه الأولية أن هذه الآيات الخمس اشتملت على مقاصد القرآن ففيها براعة الاستهلال، وهي جديرة أن تسمى عنوان القرآن؛ لأن عنوان الكتاب يجمع مقاصده بعبارة وجيزة في أوله... وبيان كونها اشتملت على مقاصد القرآن أنها تنحصر في علوم التوحيد والأحكام والأخبار، وقد اشتملت على الأمر بالقراءة والبداءة فيها باسم الله، وفي هذه إشارة إلى الأحكام، وفيها ما يتعلق بتوحيد الرب وإثبات ذاته وصفاته، وصفة فعل، وفي هذا إشارة إلى أصول الدين، وفيها ما يتعلق بالأخبار من قوله تعالى: ﴿ عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ (العلق:5)" [الفتح (8/ 718-719)].

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة ،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته