أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة التاسعة والستون في موضوع الأول والآخر

نبذة عن الصوت

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه

الحلقة التاسعة والستون في موضوع (الأول والآخر ) وهي بعنوان :

*البناء الأول للكعبة : تاريخ بناء الكعبة:

2- ومنهم من قال: إن تاريخ الكعبة يعود إلى زمن آدم عليه السلام؛ فهو أول من بناها، جاء في شفاء الغرام: "وروى الأزرقي بناء آدم عليه السلام للكعبة، واستدل له بخبرين رواهما ابن عباس رضي الله عنهما؛ أحدهما: أنه بناه من خمسة أجبل. والآخر: كان آدم عليه السلام أول من أسس البيت وصلى فيه..."[ الفاسي، محمد بن أحمد بن علي، تقي الدين، أبو الطيب المكي الحسني: شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام]

وقال ابن كثير في تفسيره: "قد اختلف الناس في أول من بنى الكعبة؛

فقيل: الملائكة... وقيل: آدم عليه السلام. رواه عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء وسعيد بن المسيب وغيرهم..."ثم قال: "وهذا غريب أيضًا"[ابن كثير: تفسير القرآن العظيم]

وقد روى البيهقي في دلائل النبوة حديثًا مرفوعًا بسنده عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما فيما يخص بناء آدم عليه السلام للكعبة، ثم قال: "تفرد به ابن لهيعة هكذا مرفوعًا"[ البيهقي: دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة. وقال الألباني في السلسة الضعيفة: "منكر"[ الألباني: السلسلة الضعيفة]

3- ومنهم مَنْ قال: إن مَنْ بنى الكعبة ولد آدم شيث عليهما السلام، قال السهيلي في "روض الأنف": إن أول من بنى البيت شيث عليه السلام[قال السهيلي: و"َكَانَ بِنَاؤُهَا فِي الدَّهْرِ خَمْسَ مَرَّاتٍ. الْأُولَى: حِينَ بَنَاهَا شِيثُ بْنُ آدَمَ". السهيلي: الروض الأنف في شرح السيرة النبوية لابن هشام] . وقد روى الأزرقي في "أخبار مكة" بسنده عن وهب بن منبه أن بني آدم عليه السلام بنوا البيت بالطين والحجارة بعد موت أبيهم

4- ومنهم من قال: إبراهيم عليه السلام هو أول من بنى الكعبة المشرفة؛

 وذلك بدلالة الكتاب والسنة الصريحة، قال تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ}[البقرة: 127]، وفي صحيح البخاري أن الخليل عليه السلام قال لابنه إسماعيل عليهما السلام: (فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ هَا هُنَا بَيْتًا، وَأَشَارَ إِلَى أَكَمَةٍ مُرْتَفِعَةٍ عَلَى مَا حَوْلَهَا). وقال الراوي: فَعِنْدَ ذَلِكَ رَفَعَا القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ[البخاري: كتاب الأنبياء، باب {يَزِفُّونَ} [الصافات: 94] النسلان في المشي، (3184).]

الراجح في أول من بنى الكعبة:

هذه أقوال أربعة في تحديد بداءة تاريخ بناء الكعبة المشرفة، وقد ردَّ بعض المحققين من العلماء الأقوال الثلاثة الأولى؛ لعدم ثبوتها بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهم الحافظ ابن كثير رحمه الله؛ فقد صرح في تفسيره بأن ذلك من قبيل الإسرائيليات التي لا تصدق ولا تكذب[قال ابن كثير بعد أن ذكر الاختلاف على أن أول من بنى الكعبة هم الملائكة، أو آدم عليه السلام، أو ابنه شيث عليه السلام]

ويُفهم من هذا أن القول الصحيح في المسألة هو أن إبراهيم عليه السلام

أول من بنى الكعبة المشرفة؛ لكن ينتج عنه إشكال كبير، وهو أنه ثبت في الحديث الصحيح أن الكعبة بُنيت قبل المسجد الأقصى بأربعين سنة، قال أبو ذر رضي الله عنه كما في صحيحي البخاري ومسلم: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الأَرْضِ أَوَّلَ؟ قَالَ: «المَسْجِدُ الحَرَامُ». قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «المَسْجِدُ الأَقْصَى». قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: «أَرْبَعُونَ سَنَةً...»[ البخاري: كتاب الأنبياء، ومسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، (520).]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة ،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته