أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة السادسة والخمسون في موضوع الأول والآخر

نبذة عن الصوت

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه

الحلقة السادسة والخمسون في موضوع (الأول والآخر ) وهي بعنوان :

* التوحيد أولا (لو كانوا يعلمون) خطبة جمعة :

من أجل التَّوْحيد بني بيت الله العتيق، الذي رفع قواعده إبراهيم خليل

الرَّحمن وابنه إسماعيل - عليهما السَّلام - وما برح هذا البيت العتيق يطاول الزَّمان وهو شامخ البنيان، في مَنَعَةٍ من الله وأمان، تتعاقب الأجيال على حجَّه، ويتنافس المسلمون في بلوغ رحابه، ففي جواره التَّوْحيد، وفي رحابه الأمن والخير والبركة: ﴿ وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْراهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لاَّ تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ﴾ [الحج: 26]، ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاس فَمَن

 تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [إبراهيم: 35 - 36].

لقد أُرْسِلَ المصطفى بنورٍ ساطعٍ وضياءٍ لامعٍ، أضاء به الطَّريق وأوضح به السَّبيل، طهَّر الله به جزيرةَ العرب من رجس الوثنيَّة، وهَيْمَنَة الأصنام، وكان كبير الأصنام هُبَل بأعلى مكة، وحوله ثلاثمائة وستون صنمًا، كلُّها من الحجارة، فطعن فيها المصطفى صلوات الله وسلامه عليه بيده الشَّريفة حين دخوله الكعبة يوم الفتح، وهو يردِّد قول الله تعالى:       ﴿ وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ﴾ [الإسراء:81]

[ أخرجه البخاري ح (2478)، ومسلم ح (1780).]

. وبعض المسلمين كان يردِّد: يا عُزَّى كفرانكِ لا غفرانكِ، إني رأيتُ الله قد أهانَكِ!!

وفي الحج أيُّها المسلمون معانٍ كبيرة من معاني التَّوْحيد، تمثَّلت في منع المشركين من دخول المسجد الحرام: ﴿ يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا ﴾ [التوبة: 28].

وبَعَثَ المصطفى سنةَ تسعٍ مَنْ ينادي: ((ألاَّ يطوف بالبيت عريانٌ، وألاَّ

يحجَّ بعد العام مشركٌ))؛ متَّفقٌ عليه[أخرجه البخاري ح (369)، ومسلم ح (1347).]

وتمثَّل التَّوْحيد في الحجِّ في رفع الأصوات بالتَّلبية ونفي الشَّريك عن الله: ((لبَّيْكَ اللَّهمَّ لبَّيْكَ، لبَّيْكَ لا شريك لكَ لبَّيْكَ، إنَّ الحمد والنِّعمة لكَ والمُلْك، لا شريكَ لكَ)). وبهذه التَّلبية قضى المصطفى على تلبية أهل الشِّرك التي كانوا يردِّدونها إبَّان حجِّهم، ويقولون: ((لبَّيْكَ لا شريك لك، إلاَّ شريكًا هو لك، تملكه وما ملك)). تعالى الله عمَّا يقولون علوًّا كبيرًا.

لقد تمثَّل التَّوْحيد في الحجِّ في ركعَتَي الطَّواف،حين يقرأ المسلم في أولاهما بـ: ﴿ قُلْ يا أيُّها الْكَافِرُونَ ﴾ [الكافرون: 1]. وفي الأخرى بـ: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1][ صحيحٌ، أخرجه الترمذي ح (431)، وقال: حديث غريب. وابن ماجه ح (1166) عن ابن مسعود أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ بهاتين السورتين في السنَّة التي بعد المغرب.]

كما تمثَّل التَّوْحيد في الحجِّ أيضًا في خير الدعاء، وهو دعاء يوم عرفة، حينما قال عليه الصَّلاة والسَّلام: ((خير الدُّعاء دعاءُ يوم عرفة، وخير ما قلتُ أنا والنبيُّون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له المُلْك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير))؛ رواه التِّرمذيُّ[حسنٌ، سنن الترمذي ح (3585).]

وتمثل التَّوْحيد في الحجِّ فيما شرعه الله من ذِكْرِه وحده يوم العيد وأيام التَّشريق: ﴿ وَاذْكُرُواْ اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُوداتٍ ﴾ [البقرة: 203]، ﴿ فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ﴾ [البقرة: 200].

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة ،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته