أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الثامنة عشرة في موضوع الأول والآخر

نبذة عن الصوت

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه

الحلقة الثامنة عشرة في موضوع (الأول والآخر ) وهي بعنوان :

*ثَمَرَاتُ الإيمَانِ بِهَذَا الاسْمِ :

1- بِادِئُ ذِي بَدءٍ نَقُولُ: إِنَّ خَيْرَ مَا يُفَسَّرُ بِهِ هَذَا الاسْمُ وَالأَسْمَاءُ الثَّلاَثَةُ الَّتِي تَلِيهِ: هُوَ تَفْسِيرُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم - أَعْلَمِ الخَلْقِ باللهِ تَعَالَى - وَذَلِكَ مَا رَوُاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُنَا إِذَا أَخَذْنَا مَضْجَعَنَا أَنْ نَقُولَ: "اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاواتِ وَرَبَّ الأَرْضِ وَرَبَّ العَرْشِ العَظِيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، فَالقَ الحَبِّ والنَّوَى، وَمُنُزِّلَ التَّوْرَاة وَالإنْجِيلِ وَالفُرْقَانِ، أَعَوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ البَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ، وَأغْنِنَا مِنَ الفَقْرِ"[ رواه مسلم في كتاب الذكر (4/ 2084) برقم (7139).]

فَاللهُ تَعَالَى هُوَ الأَوَّلُ الذِي لَيْسَ قَبْلَهُ شَيْءٌ مِنَ الْمَوْجُودَاتِ، فَهُوَ المُتَقَدِّمُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ شَيْءٌ، كَمَا جَاءَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ عمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "كَانَ اللهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرُهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ، وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ، وَخَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ"       [ أخرجه أحمد (4/ 431) والبخاري في بدء الخلق (6/ 286) وفي التوحيد (3/ 403) وانظر: التعليق على كتاب العرش رقم (1).]

قَالَ الطَّحَاوِيُّ فِي عَقِيدَتِهِ: "قَدِيمٌ بِلاَ ابْتِدَاءٍ، دَائِمٌ بَلاَ انْتِهَاءٍ".

وَشَرَحَهُ ابنُ أبي العِزِّ بِقَوْلِهِ: "فَقَوْلُ الشَّيْخِ: قَدِيمٌ[سيأتي الكلام عن هذه التسمية.] بِلاَ ابْتِدَاءٍ، دَائِمٌ بَلاَ انْتِهَاءٍ هُوَ مَعْنَى اسْمِهِ الأَوَّلِ وَالآخِرِ، وَالْعِلْمُ بِثُبُوتِ هَذَينِ الوَصْفَيْنِ مُسْتَقِرٌّ فِي الفَطَرِ، فَإِنَّ المَوْجُودَاتِ لَا بُدَّ أَنْ تَنْتَهِيَ إِلَى وَاجِبِ الوَجُودِ لِذَاتِهِ، قَطْعًا للتَّسَلْسُلِ، فَإِنَّا نُشَاهِدُ حُدُوثَ الحَيَوَانِ وَالنَّبَاتِ وَالمَعَادِنِ، وَحَوَادِثِ الجَوِّ كَالسَّحَابِ وَالمَطَرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَهَذِهِ الحَوَادِثُ وَغَيْرُهَا لَيْسَتْ مُمْتَنِعَةً فَإِنَّ المُمْتَنِعَ لاَ يُوجَدُ، وَلاَ وَاجِبَةَ الوجُودِ بِنَفْسِهَا، فَإِنَّ وَاجِبَ الوُجُودِ بِنَفْسِهِ لاَ يَقْبَلُ العَدَمَ، وَهَذِهِ كَانْتَ مَعْدُومَةً ثُمَّ وُجِدَت، فَعَدَمُهَا يَنْفِي وُجُوبَهَا، وَوُجُودُهَا يَنْفِي امْتِنَاعَهَا، وَمَا كَانَ قَابِلًا للوُجُودِ وَالعَدَمِ لَمْ يَكُنْ وُجُودُه بِنَفْسِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ﴾ [الطور: 35]؛ يَقُولُ سُبْحَانَهُ: أَحَدَثُوا مِنْ غَيْرِ مُحْدِثٍ أَمْ هُمْ أَحْدَثُوا أَنْفُسَهم؟! وَمَعْلُومٌ أَنَّ الشَّيْءَ المُحْدَثَ لاَ يُوجِدُ نَفْسَهُ، فَالمُمْكِنُ الذِي لَيْسَ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ وُجُودٌ وَلاَ عَدَمٌ لاَ يَكُونُ مَوْجُودًا بِنَفْسِهِ، بَلْ إِنْ حَصَلَ مَا يُوجِدُهُ وَإِلاَّ كَانَ معْدمًا، وَكُلُّ مَا أَمْكَنَ وُجُودُه بَدَلًا عَنْ عَدَمِهِ وَعَدَمُه بَدَلًا عَنْ وُجُودِه، فَلَيْسَ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ وُجُوُدٌ وَلَا عَدَمٌ لَازِمٌ لَهُ"[ شرح العقيدة الطحاوية (ص: 113).]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة ،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته