أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الثانية عشرة في موضوع الأول والآخر

نبذة عن الصوت

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه

الحلقة الثانية عشرة في موضوع (الأول والآخر ) وهي بعنوان :

*معنى اسم الله الأول والآخر :                                              

ثانيًا: الدَّلَالَاتُ اللُّغَوِيَّةُ لاسْمِ (الآخِر)

الآخِرُ فِي اللُّغَةِ اسْمُ فَاعِل لِمَنِ اتَّصَفَ بالآخِريَّةِ، فِعْلُه أَخَرَ يَأْخُرُ أَخْرًا، والآخرُ مَا يُقَابِلُ الأّوَّلَ، وَيُقَالُ أَيْضًا لما بَقِي في المدَّةِ الزَّمَنِيَّةِ، وَيُقَالُ للثَّانِي مِنَ الأَرْقَامِ العَدَدِيَّةِ أَوْ مَا يَعْقُبُ الأَوَّلَ فِي البَعْدِيَّةِ وَالنَّوْعِيَّةِ، وَيُقَالُ أَيْضًا لما بَقِى في الموَاضِعِ الـمَكَانِيَّةِ، وَنِهَايَةِ الجُمَلِ الكَلَامِيَّةِ، فَمِنَ الآخِرِ الذي يُقَابِلُ الأَوَّلَ قَوْلُه تَعَالَى: ﴿ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا ﴾ [المائدة: 114]، وَمِنَ الآخِرِ الذي يُقَالَ لما بقِي فِي المدَّةِ الزَّمَنِيَّةِ، قَوْلُه تَعَالَى: ﴿ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [آل عمران: 72]، وَكَذَلِكَ مَا رَوَاهُ البُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما؛ أَنَّهُ قَالَ: "صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْعِشَاءَ فِي آَخِرِ حَيَاتِهِ"   [ البخاري في العلم، باب السمر في العلم (1/ 55) (116).]

، وَمِنَ الآخِرِ الذي يُقَالُ للثَّانِي مِنَ الأَرْقَامِ الْعَدَدِيَّةِ أَوْ مَا يَعْقُبُ فِي

البَعْدِيَّةِ والنَّوْعِيَّةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ} [الشعراء: 66]، وَمِنَ الآخِرِ الذِي يُقَالُ لما بَقِي فِي الَموَاضِعِ الَمكَانِيَّةِ مَا رَوَاهُ البُخَارِي مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما؛ أنه قَالَ: "صَعِدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الِمنْبَرَ، وَكَانَ آخِرَ مَجْلِسٍ جَلَسَهُ مُتَعَطِّفًا مِلحَفَةً عَلَى مَنْكبَيْه"[ البخاري في الجمعة، باب من قال في الخطبة بعد الثناء: أما بعد (1/ 314) (885).]، وَمِنَ الآخِرِ الذي يُقَالُ لِنَهايَةِ الجُمَلِ الكَلَامِيَّةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [يونس: 10].

والآخِرُ سُبْحَانَهُ هُوَ الُمتَّصِفُ بِالْبَقَاءِ والآخِرِيَّةِ؛ فَهُوَ الآخِرُ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ شَيْءٌ، البَاقِي بَعْدَ فَنَاءِ الخَلْقِ[انظر في المعنى اللغوي: كتاب العين (4/ 303)، ولسان العرب (4/ 11)، والنهاية في غريب الحديث (1/ 29)، والمفردات (ص: 68)، واشتقاق أسماء الله (ص: 204).] ، وَهُنَا سُؤَالٌ يَطْرَحُ نَفْسَهُ عَنْ كَيْفِيَّةِ الجَمْعِ بَيْنَ وَصْفِ اللهِ تبارك وتعالى بِأَنَّهُ الآخِرُ وَالْبَاقِي الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ شَيْءٌ، وَبَقَاءِ الَمخْلُوَقاتِ فِي الجَنَّةِ وَدَوُامِها وَأَبَدِيَّتِهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى عَنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَنَعِيمِها وَدَوَامِ مُتْعَتِها وَلَذَّتِهَا للمُؤْمِنِينَ: ﴿ قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [المائدة: 119]، وَقَالَ سُبْحَانَهُ عَنْ أَهْلِ النَّارِ وَعَذَابِهَا وَدَوَامِ الشَّقَاءِ لِأَهْلَهِا: ﴿ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ﴾ [الجن: 23]؟ وَمَا تَفْسِيرُ قَوْلِهِ: ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ [الرحمن: 26، 27]، وَعِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه؛ أَنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: "اللهُمَّ أَنْتَ الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ"؟ [مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة، باب ما يقول عند النوم وأخذ المضجع (4/ 2084) (2713).]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة ،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته