أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الخامسة في موضوع الأول والآخر
نبذة عن الصوت
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الخامسة في موضوع (الأول والآخر ) وهي بعنوان :
المقدمة : *فضل أسماء الله الحسنى :
8- مَعْرِفَةُ الله بأسْمَائِه وصِفَاتِهِ هِي أَصْلُ خَشْيَتِه تَبَارَكَ وَتَعَالَى:
إِنَّ العِلْمَ بِأسْمَاءِ الله - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - وصِفَاتِهِ وَمَعْرِفَةِ مَعَانِيهَا يُحْدِثُ خَشْيَةً وَرَهْبَةً فِي قَلْبِ العَبْدِ، فَمَنْ كَانَ بالله أَعْرَفَ فَهُوَ مِنْهُ أَخْوَفُ، وَمَنْ كَانَ بِهِ أَعْلَمَ كَانَ عَلَى شَرِيعَتِهِ أَقْوَمَ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ
الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28].
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ فِي تَفْسِيرِ الآيةِ: إِنَّمَا يَخَافُ اللهَ، فَيَتَّقِي عِقَابَه بِطَاعَتِه، العُلَمَاءُ بِقُدْرَتِه عَلَى مَا يَشَاءُ مِنْ شَيءٍ، وَأَنَّهُ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ[جامعُ البيانِ في تفسيرِ القرآنِ (22/ 87).]
وقالَ ابنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: لَيْسَ العِلْمُ عَنْ كَثْرَةِ الروايةِ، ولِكَنَّ العِلْمَ الخَشْيَةُ[أخرجه أحمد في الزهدِ (ص: 158)، والطبراني في الكبيرِ (8534)، وانظر: الحِلْيَةَ (1/ 131)، (6/ 370)، ومَجْمَعِ الزوائدِ (10/ 235).]، ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28].
ولِذَلِكَ فَقَدْ كَانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أشدَّ الناسِ خَشْيَةً لله تَبَارَكَ وَتَعَالَى؛ لأنَّه كَانَ أَعْلَمَ الناسِ به، فَقَدْ قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِالله وأَشَدُّكُمْ لَهُ خَشْيَةً"[ أخرجه البخاري (1601)، ومسلم (2356)، وابن عبد البر في التمهيدِ 5/ 119، 120 من حديث عائشة رضي الله عنها.]، وفي حديثٍ آخَرَ قَالَ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَتْقَاكُمْ وأَعْلَمَكُمْ بِالله أَنَا"[ أخرجه البخاري (20) من حديث عائشة رضي الله عنها، انظر: الفتح 1/ 70 - 72 .]
فَمَعْرِفَةُ الله عز وجل أَسَاسُ تَعْظِيمِهِ وَخَشْيتِهِ، وَأَعْظم أَسْبَابِ البُعْدِ عَمَّا
يُغْضِبُه. فَقَدْ قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ أَذِنَ لِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ دِيكٍ قَدْ مَرِقَتْ رِجْلَاه الأَرْضَ، وَعُنُقُه مُثْنيِةٌ تَحْتَ العَرْشِ، وَهُوَ يَقُولُ: سُبْحَانَك مَا أَعْظَمَكَ رَبَّنا، فَيُردُّ عَليه: لا يَعْلَمُ ذلك مَنْ حَلَفَ بِي كَاذِبًا"[ أخرجه الطبراني في الأوسط (7324)، وأبو الشيخ في العظمةِ (526)، والحاكم 4/ 297، من حديثِ أبي هريرةَ رضي الله عنه، وصحَّحه الحَاكِمُ. وانظر: المنار المنيف (ص: 55-56)، والسلسلة الصحيحة (150).]
، أَيْ: لو عَلِمَ الحَالِفُ بِالله كَذِبًا عَظَمَةَ اللِه جَلَّ جَلَالُهُ لخَشِيَه واتَّقَاهُ،
وما اجْتَرَأَ عَلَى هَذَا الفِعْلِ وأمْثَالِهِ.
إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة ،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته