سلسلة أسماء الله الحسنى وصفاته "الرفيق" الحلقة 9

نبذة عن الفيديو

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة التاسعة في موضوع ( الرفيق ) من اسماء الله الحسنى وصفاته وهي بعنوان : معنى الاسم في حقِّ الله تعالى :

قال القرطبيُّ بعد أَنْ بيَّنَ المعنى اللُّغويَّ للاسمِ: "وللهِ تعالى مِن ذلك ما يَليقُ بجلالِهِ سُبْحَانَهُ. فهو الرَّفيقُ؛ أي: الكثيرُ الرِّفقِ، وهو اللِّينُ والتسهيلُ، وضدّهُ العُنفُ والتَّشديدُ والتَّصْعِيبُ. وقد يجيءُ الرِّفقُ بمعنى: الإِرفاقِ، وهو إعطاءُ ما يُرتفقُ به، وهو قولُ أبي زيدٍ.

وكلاهما صحيحٌ في حقِّ اللهِ تعالى. إذْ هو الميسِّرُ والُمسهِّلُ لأسبابِ الخيرِ كلِّها، والُمعطي لها، وأعْظمُها: تيسيرُ القرآنِ للحفظِ، ولولا ما قال  : ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ ﴾ [القمر: 17] ما قَدِرَ على حِفْظهِ أحدٌ، فلا تيسيرَ إلا بتيسيرِهِ، ولا منفعةَ إلا بإعطائِهِ وتقديرِهِ.

وقد يجيءُ الرفقُ أيضًا بمعنى: التَّمهُّل في الأمورِ والتَّأنِّي فيها، يُقال منه: وقفتُ الدابةَ أرفقُها رفقًا، إذا شدَدْتُ عَضُدَها بحبلٍ لِتُبطِئَ في مَشْيِها.

وعلى هذا يكون "الرَّفيقُ" في حقِّ الله تعالى بمعنى "الحليم"؛ فإنه لا يُعجِّلُ بعقوبةِ العُصاةِ ليتوبَ مَن سَبَقَتْ له العِنايةُ، ويَزدادُ إثمًا مَنْ سبقتْ  له الشقاوةُ.

وقال الخطَّابِيُّ: "قوله: "إِنَّ اللهَ رفيقٌ" معناه: ليس بعَجُولٍ، وإِنَّما يَعْجَلُ مَنْ يخافُ الفوتَ، فأما مَنْ كانتِ الأشياءُ في قبضتِه ومُلكِه فليس يعَجلُ فيها"  وقال النوويُّ: "وأما قولُه صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ رفيقٌ" ففيه تصريحٌ بتسميتِه

سبحانه وتعالى، ووصفِه برفيقٍ.....

قال النوويُّ: "والصحيحُ جوازُ تسميةِ اللهِ تعالى رفيقًا وغيرَهُ مما ثَبَتَ بخبرِ الواحدِ، وقد قدَّمنا هذا واضحًا في كتابِ الإيمانِ في حديثِ: "إِنَّ الله جميلٌ يُحبُّ الجمالَ" في باب تحريم الكِبْرِ، وذكرْنا أنه اختيارُ إمامِ الحرَمين" .

وقال ابنُ القَيِّمِ في (النونيَّةِ)  :

وهو الرَّفيقُ يُحبُّ أهلَ الرفقِ *** يُعطيهـمُ بالـرِّفقِ فـوقَ أَمَـانِ

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .