سلسلة أسماء الله الحسنى وصفاته "الباعث " الحلقة 93
نبذة عن الفيديو
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه
الحلقة الثالثة والتسعون في موضوع (الباعث) وهي بعنوان :
*معنى الباعث :
وإذا كان الباعث بين حالتين لا يعدوهما، إحداهما تخرج صاحبه عن المسئولية فلا يكون العمل محلًّا للحكم الأخلاقي، والأخرى لا يكون فيها قويًّا فيكفي وحده للحمل على العمل، فلا حاجة إذن بدارس الأخلاق لبحثه، وإنما حاجته ماسة لبحث النوع الثاني وهو الباعث الغائي حتى يصدر حكمه عن بينة، بعد تعرُّف غايات الفاعل وبواعثه، التي هي مناط الحكم الأخلاقي.
والآن، بعد أن وضح معنى الباعث بنوعيه، نتكلم عن العلاقة بينه وبين المقصد؛ لنتبين ما يصلح منه أن يكون باعثًا.
* العلاقة بين المقصد والباعث : ومن السهل أن نقرر بعد أن علمنا أن المقصد هو ما تتجه الإرادة لتحصيله، وأن الباعث الغائي هو الغاية التي تجذب المرء لعمل معين؛ أن كل باعث بهذا المعنى يكون مقصودًا؛ لأن كل ما جذب الإنسان لعمل خاص يكون دائمًا شيئًا يُراد تحصيله، ولكن إذا صح أن نقول: إن كل باعث مقصد، هل لنا أن نقول أيضًا: إن كل مقصد باعث؟
قبل أن نجيب على هذا السؤال، نتروَّى فنرى أننا نقصد كثيرًا من نتائج أعمالنا الحتمية، ولكن لا نعتبرها غاياتنا التي جذبتنا إلى هذه الأعمال وقمنا بها لأجلها.
هذا سعد باشا زغلول وصحبه حين دعوا الأمة للثورة على الإنجليز عام ١٩١٩ كانوا يعرفون من نتائجها المحتومة ما كان من قتل ونفي وتشريد، وكانوا يقصدون هذا طبعًا، غير أنه لم يكن غايتهم من دعوتهم للثورة، بل كانت الغاية الحصول على استقلال مصر وتحريرها. ومثال آخر: نحن نُطعِّم أولادنا ضد كثير من الأمراض، ونعرف بل ونقصد ما يكون وراء ذلك من ألم وورم في الأذرع،ولكن لا نجعل ذلك غايتنا،بل هي إكسابهم المناعة ضد الأمراض التي لقَّحناهم بالمصل المضاد لها.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .