أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة السادسة عشرة بعد المائة في موضوع "الظاهر الباطن "
نبذة عن الفيديو
بسم الله ، والحمد لله ،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد :
فهذه الحلقة السادسة عشرة بعد المائة في موضوع(الظاهروالباطن)وهي
بعنوان: *اصلاح الظاهر لا ينفع معه فساد الباطن :
والحياء من الله جل وعلا من أعظم وسائل إصلاح السرائر؛ لأن الحياء من الله تعالى يدفع إلى ترك كل قبيح يكرهه الله، وفعل كل خير يحبه الله، بحيث لا يراك أبدًا حيث نهاك، ولا يفقدك حيث أمرك، قال رجل ذات يوم للنبي : أوصني، قال: ((أوصيك أن تستحي الله كما تستحي رجلًا صالحًا من قومك)) حديث صحيح في السلسلة الصحيحة (2/366). قال عبد الله بن مسعود : (من صلى صلاةً والناسُ ينظرون إليه فإذا خلا فليصل مثلها، فإن لم يفعل فإنه استهانة يستهين بها ربه، ألا يستحي أن يكون الناسُ أعظمَ في عينه من الله تعالى).ومما يعين على إصلاح السريرة تذكر المساءلة بين يدي الرب عز وجل، فيتذكر العبد موقف الحساب والعرض على رب الأرباب، قال تعالى: يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ ، وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ . وقد وقف الناس للحساب، ودنت الشمس من رؤوس العباد، وجيء بجهنم تقاد بسبعين ألف زمام، ووقف الملائكة الكرام واشتد الزحام، وَخَشَعَتْ الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْسًا ، فيتذكر ذله وفرَقَهُ عندما يدعى للوقوف بين يدي الجليل، قال تعالى: إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ، بأي قدم تقف بين يدي الله؟! وبأي عمل تَقدمُ عليه؟! وبأي لسانٍ
تتحدث إليه وفي يدك كتاب عملك لا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلا أحصاها؟!
إذا مــــا قـــال لــي ربـي ***** أما استحييت تعصيني
وتخفي الذنب عن خلقي *****وبالعصـــيـــان تأتينــــــي
فأعدّ للسؤال جوابًا، وللجواب صوابًا.
ومن الوسائل المهمة لإصلاح السرائر التوبة؛ فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، فيتوبُ العبد توبةً نصوحًا خاصة لله تعالى، يقلعُ معها عن معاصيه، ويندم على ما سلف في ماضيه، ويعزم على أن لا يعود، وهو
يتمثل قول القائل:
كم قد زللت فلــم أذكـرك في زللـي ***وأنت يا سيدي في الغيب تذكرني
كم أكشفُ الستر جميلًا عن معصيتي ***وأنت تلطف بي حقًــا وتستـرني
لأبكيـن بدمــع العين مـن أسـف *** لأبكيـن بكــاء الوالــه الحَزِن
يقول الربيع بن خثيم: "السرائر اللاتي يخفين من الناس وهن لله بواد، التمسوا دواءَهن، وما دواؤهن إلا أن تتوب فلا تعود". والإكثار من الأعمال الصالحة في السر والعلن والاشتغال بما ينفع؛ فالأعمال الصالحة من المحافظة على الفرائض والإكثار من النوافل والمداومة على الذكر سبب في الهداية والتوفيق، والمحبة والحفظ من الله رب العاملين، قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ ، وقال: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ، قال أبو الحسن الزاهد رحمه الله عندما سئل: كيف الطريق إلى الله تعالى؟ قال: كما عصيت الله تعالى سرًا تطيعه سرًا، حتى يدخل إلى قلبك لطائف البر. وآخرها وهو أهمها الدعاء، فيكثر العبد من الدعاء والتضرع لله عز وجل أن يصلح سريرته ويطهر باطنه، ويتحرى بذلك أوقات الإجابة وأسباب الاستجابة. ومن تلك الأدعية، قوله تعالى: رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ ، وقوله تعالى: رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ، وقوله تعالى: رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ . ومما ورد في السنة المطهرة عن علي قال: كان رسول الله إذا قام إلى الصلاة يكون من آخر ما يقول بين التشهد والتسليم: ((اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت، وما أنت به أعلم مني، أنت المقدم وأنت
المؤخر، لا إله إلا أنت)) رواه مسلم.[الأنترنت – موقع صحيفة العارضة - خطبة الجمعة : اصلاح الظاهر لا ينفع معه فساد الباطن – لعبد الرحمن حريصي ]
إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .