أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الثامنة بعد الاربعمائة في موضوع "الحفيظ
نبذة عن الفيديو
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد : فهذه
الحلقة الثامنة بعد الأربعمائة في موضوع (الحفيظ) والتي هي بعنوان:
*حفظ الله لنبيه صلى الله عليه وسلم :
لقد رسمَتِ السورةُ الكريمة منهجَ الدعوة إلى الله، وبيَّنت معالمه في كل آية من آياتها، ومن ذلك ما جاء في قوله تعالى: ﴿ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ * وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ
﴾ [الأنفال: 38 - 40].. وبيان ذلك فيما يلي:
1- أهمية وسيلة القول وتبليغ الدعوة (وقد سبق بيانها)، والقول هنا موجَّه إلى الكافرين. 2- أسلوب الترغيب والترهيب حتى مع الكفار المعاندين، فقد رغَّب الله تعالى المشركين في التوبة والرجوع عما هم فيه من صلف وكفر وعناد، ووعَدَهم بمغفرةِ ما قد سلف مِن قبيح الفعال، ثم الترهيب من الإصرار على مواقفهم من الدعوة، وحذَّرهم من إمضاء سُنة الأولين فيهم، وهي إهلاكهم.
3- تشريع القتال كوسيلةٍ لصد العدوان، وضرورة اضطرَّ إليها المسلمون؛ دفاعًا عن الدعوة، ودفاعًا عن أنفسهم ووطنهم الجديد، وحماية للمسلمين المستضعَفين، ولإزالة المعوقات والعقبات التي تقف في طريق الدعوة، وهكذا أينما وجدت المبررات والدوافع واضطر المسلمون للقتال، وتوفرت القوة اللازمة والرجال المؤمنون حق الإيمان، وأخذوا بالأساليب التي تحقِّق النصر، كان القتال حتمًا واجبًا، والتراجع عن ذلك تخاذلًا وتهلكة؛ لأن في ذلك ضياعَ الدين والأرض، وانتهاك العِرض، وعلوَّ الكفر وسيادته، فتعود الفتنة وتَعُم، ويوم أن ترك المسلمون وسيلة القتال واستبدلوها واستبدَلوا بها ثقافة السلام، طمع فيهم أعداؤهم، واستباحوا أرضهم وثرواتهم.
ومما يستفاد كذلك أن الدعوة هي الأصل في حقيقة الأمر، وفتح باب التوبة والترغيب في الانتهاء عن الكفر وعن العداء للإسلام، وأن القتال إنما هو استثناءٌ وضرورة إذا اضطر إليها المسلمون، فإن أدب القتال في الإسلام يقوم على العدل والرحمة، والتسامح والعفو، وقبول الصلح (كما سيتبين)، والنهي عن الغدر والمثلة وقتل النساء والصبيان والشيوخ والرهبان والحُرَّاث، والبعد عن الانتقام والتشفي أو تصفية الحسابات القديمة!
ومن هنا تتضح أهمية تنويع أساليب الدعوة ووسائلها حسب ظروفها ومراحلها، ولقد التزم المسلمون بالصبر، وهو أحد الوسائل الهامة للوصول إلى الأهداف المرجوَّة، وبعد هجرتهم إلى المدينة لم يهدأ بالُ المشركين، ولم يكفُّوا عن الصد عن سبيل الله، فماذا يفعل المسلمون؟ كان لا بد من مواجهة الموقف ومباشرة القتال وسيلةً للدفاع عن الدعوة ورجالها وأرضها؛ استجابة لأمر الله تعالى: ﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ ﴾ [البقرة: 193][ والأمر في قوله تعالى: ﴿ وَقَاتِلُوهُمْ ﴾ مُوجَّهٌ إلى المسلمين قبيل بدر، لما خرج أبو جهل بجيشه بعد نجاة العِير، والضمير يعود إلى جيش قريش، فكانت الآية الكريمة هي التي أمرت المسلمين بالقتال عند بدر،وهي أول آية نزلت في القتال بالمدينة[تفسير ابن كثير، ج1، ص226.]
إلى هنا ونكمل في الحلقة التالية والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .