أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الثالثة والأربعون في موضوع "الحفيظ

نبذة عن الفيديو

بسم الله ، والحمد لله ،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد :

فهذه الحلقة الثالثة والأربعون في موضوع (الحفيظ) والتي هي بعنوان : ثَمَرَاتُ الإِيمَانِ بهَذَينِ الاِسْمَيْنِ :                                       

4- وَمِنْ أَعْظَمِ مَا يَجِبُ عَلَى المُسْلِمِ حِفْظُهُ مِنْ حُقُوقِ اللهِ هُوَ التَّوْحِيدُ، أَ نْ يَعْبُدَهُ وَلَا يُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه إِذْ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ" قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: "هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ اللهِ عَلَى العِبَادِ؟" قَالَ: قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: "فَإِنَّ حَقَّ اللهِ عَلَى العِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا"...ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: "يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ" قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: "هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ العِبَادِ عَلَى اللهِ إِذَا فَعَلُوْا

 ذَلِكَ؟" قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: "أَنْ لَا يُعَذِّبَهُم"

فَهَذَا هُوَ الحَقُّ العَظِيمُ الذِي أَمَرَ اللهُ سُبْحَانَهُ عِبَادَه أَنْ يَحْفَظُوهُ وَيُرَاعُوهُ، وَهُوَ الذِي مِنْ أَجْلِ حِفْظِهِ أَرْسَلَ الرُّسُلَ وَأَنْزَلَ الكُتَبَ.

فَمَنْ حَفِظَهُ فِي الدُّنْيَا، حَفِظَهُ اللهُ تَعَالَى مِنْ عَذَابِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَسَلَّمَهُ وَأَمَّنَهُ مِنْهُ، وَكَانَ لَهُ عِنْدَ اللهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الجَنَّةَ وَيُجِيرَهُ مِنَ النَّارِ.

وَإِنْ عُذِّبَ بِسَبَبِ ذُنُوبِهِ، فَإِنَّهُ أَيْضًا مَحْفُوظٌ بِتَوْحِيدِهِ مِنَ الخُلُودِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ مَعَ الكُفَّارِ الذِينَ ضَيَّعُوا هَذَا الحَقَّ العَظِيمَ.

5- وَمِنْ أَعْظَمِ مَا أُمِرَ بِحِفْظِهِ مِنَ الوَاجِبَاتِ: الصَّلَاةُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى ﴾ [البقرة: 238]، وَقَالَ: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾ [المؤمنون: 9] وَفِي [المعارج: 34].

فَمَنْ حَافَظَ عَلَى الصَّلَوَاتِ وَحَفِظَ أَرْكَانَهَا، حَفِظَهُ اللهُ مِنْ نِقْمَتِهِ وَعَذَابِهِ وَكَانَتْ لَهُ نَجَاةً يَوْمَ القِيَامَةِ.

قَالَ ابْنُ القَيِّمِ رحمه الله:"الصَّلَاةُ مَجْلِبَةٌ لِلرِّزْقِ، حَافِظَةٌ لِلصِّحَّةِ، دَافِعَةٌ لِلأَذَى، مَطْرَدَةٌ لِلأَدْوَاءِ،مُقَوِّيَةٌ لِلقَلْبِ، مُبيِّضَةٌ لِلوَجْهِ، مُفْرِحَةٌ لِلنَّفْس، مُذْهِبَةٌ لِلْكَسَلِ، مُنَشِّطَةٌ لِلجَوَارِحِ، مُمِدَّةٌ لِلقُوَى، شَارِحَةٌ لِلصَّدْرِ، مُغَذِّيَةٌ لِلرُّوحِ، مُنَوِّرَةٌ لِلقَلْبِ، حَافِظَةٌ لِلنِّعْمَةِ، دَافِعَةٌ لِلنِّقْمَةِ، جَالِبَةٌ لِلبَرَكَةِ، مُبْعِدَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ، مُقَرِّبَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ... وَبِالجُمْلَةِ: فَلَهَا تَأْثِيرٌ عَجِيبٌ فِي حِفْظِ صِحَّةِ البَدَنِ وَالقَلْبِ وَقُوَاهُمَا، وَدَفْعِ المَوَادِ الرَّدِيئَةِ عَنْهُمَا، وَمَا ابْتُلِيَ رَجُلاَنِ بِعَاهَةٍ أَوْ دَاءٍ أَوْ مِحْنَةٍ أَوْ بَلِيَّةٍ إِلَّا كَانَ حَظُّ المُصَلِّى مِنْهُمَا أَقَلَّ، وَعَاقِبَتُهُ أَسْلَمَ.

وَلِلصَّلَاةِ تَأْثِيرٌ عَجِيبٌ فِي دَفْعِ شُرُورِ الدُّنْيَا، وَلَا سِيَّمَا إِذَا أُعْطِيَتْ حَقَّهَا

مِنَ التَّكْمِيلِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، فَمَا اسْتُدْفِعَتْ شُرُورُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَلَا

اسْتُجْلِبَتْ مَصَالِحُهَا بِمِثْلِ الصَّلَاةِ.

وَسِرُّ ذَلِكَ: أَنَّ الصَّلَاةَ صِلَةٌ بِاللهِ عز وجل، وَعَلَى قَدْرِ صِلَةِ العَبْدِ بِرَبِّهِ عز وجل تَفْتَحُ عَلَيْهِ مِنَ الخَيْرَاتِ أَبْوَابَهَا، وَتَقْطَعُ عَنْهُ مِنَ الشَّرُورِ أَسْبَابَهَا، وَتُفِيضُ عَلَيْهِ مَوَارِدَ التَّوْفِيقِ مِنْ رَبِّهِ عز وجل، وَالعَافِيَةُ، وَالصحَةُ، وَالغَنِيمَةُ وَالغِنَى، وَالرَّاحَةُ وَالنَّعِيمُ، وَالأَفْرَاحُ وَالمَسَرَّاتُ، كُلُّهَا مُحْضَرةٌ لَدَيْهِ، وَمُسَارِعَةٌ إِلَيْهِ"[ الطب النبوي (ص: 332).]

إلى هنا ونكمل في الحلقة التالية والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .