أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الأربعون في موضوع "الحفيظ
نبذة عن الفيديو
بسم الله ، والحمد لله ،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد :
فهذه الحلقة الأربعون في موضوع (الحفيظ) والتي هي بعنوان :
ثَمَرَاتُ الإِيمَانِ بهَذَينِ الاِسْمَيْنِ :
1- إِنَّ الحَافِظَ لِهَذِهِ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِمَا هُوَ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ.
فَهُوَ سُبْحَانَهُ يَحْفَظُ السَّمَاوَاتِ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ ﴾ [الأنبياء: 32]؛ أَيْ: كَالسَّقْفِ عَلَى البَيْتِ، قَالَهُ الفَرَّاءُ[معاني القرآن (2/ 201)، وكذا في تفسير ابن كثير (3/ 177)؛] فقد قال: وقوله {وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ
سَقْفًا مَحْفُوظًا}؛ أي: على الأرض وهي كالقبَّة عليها.
، وَهُوَ كَقَوْلِهِ ﴿ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾[الحج: 65].
وَقَالَ بَعْضُ المُفَسِّرِينَ فِي قَوْلِهِ ﴿ مَحْفُوظًا ﴾؛ أَيْ: مِنَ الشَّيَاطِينِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ * وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ * إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ ﴾ [الحجر: 16- 18][قال بعض العلماء في قوله: ﴿ إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ ﴾: هو استثناء منقطع، منهم الرازي فقد قال: "لا يمكن حمل لفظة {إِلَّا} هاهنا على الاستثناء؛ بدليل أن إقدامهم على استراق السمع لا يُخْرج السماءَ مِن أن تكون محفوظة منهم إلا أنهم ممنوعون مِن دخولها، وإنما يحاولون القرب منها، فلا يصحُّ أن يكون استثناء على التحقيق، فوجب أن يكون معناه: لكن مَن استرَق السمع" اهـ، التفسير (9/ 169).
وقال القرطبي بعد أن ذكر قول الرازي: "وقيل: هو متَّصل، أي: إلا ممن استرَق السمع، أي: حفظْنا السماء من الشياطين أن تسمع شيئًا من الوحي وغيره، إلا مَن استرق السمع فإنا لم نحفظها منه أن تسمع الخبَر من أخبار السماء سوى الوحي، فأما الوحي فلا تسمع منه شيئًا لقوله: ﴿ إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ ﴾ [الشعراء: 212]، وإذا استمَع الشياطين إلى شيء ليس بوحي فإنهم يَقذِفونه إلى الكهَنة في أسرع مِن طرْفة عيْن، ثم تتبعهم الشهُب فتقتلهم أو تخبلهم" اهـ، [الجامع لأحكام القرآن (10/ 10 - 11)، وانظر: أضواء البيان (3/ 122)؛ فقد ذَكَرَ القولين.]
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: "يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَحَفِظْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ لَعِينٍ، قَدْ رَجَمَهُ اللهُ وَلَعَنَهُ {إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ}؛ يَقُولُ: لَكِنْ قَدْ يَسْتَرِقُ مِنَ الشَّيَاطِينِ السَّمْعَ مِمَّا يَحْدُثُ فِي السَّمَاءِ بَعْضَهَا، فَيَتْبَعُهُ شِهَابٌ مِنَ النَّارِ مُبِينٌ، يَبِينُ أَثَرُهُ فِيهِ إِمَّا بِإِخْبَالِهِ وَإِفْسَادِهِ، أَوْ بِإِحْرَاقِهِ" [جامع البيان (14/ 11). ]
وَقِيلَ: مَحْفُوظًا مِنَ الهَدْمِ وَالنَّقْضِ، وَعَنْ أَنْ يَبْلُغَهُ أَحَدٌ بِحِيلَةٍ.
وَقِيلَ: مَحْفُوظًا فَلاَ يَحْتَاجُ إِلَى عِمَادٍ[الجامع لأحكام القرآن (11/ 285).] وَاللهُ يَحْفَظُ ذَلِكَ كُلَّهُ بِلَا مَشَقَّةٍ وَلَا كُلْفَةٍ، وَدُونَ أَدْنَى تَعَبٍ أَوْ نَصَبٍ، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا
وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾ [البقرة: 255].
2- أَنَّ المَحْفُوظَ هُوَ مَا حَفِظَهُ اللهُ سبحانه وتعالى، وَشَاءَ لَهُ أَنْ يُحْفَظَ وَيَبْقَى، وَأَمَّا مَنْ شَاءَ اللهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يَضِيعَ أَوْ يَضْمَحِلَّ وَيَضْعُفَ أَوْ يَهْلَكَ، فَإِنَّهُ ضَائِعٌ هَالِكٌ لَا مَحَالَةَ. فَقَدْ تَكَفَّلَ اللهُ بِحِفْظِ كِتَابِهِ العَزِيزِ مِنَ التَّحْرِيفِ وَالتَّغْيِيرِ وَالتَّبْدِيلِ، عَلَى مَرِّ العُصُورِ وَالدُّهُورِ، قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9].
فَبَقِيَ كَذَلِكَ - كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ - هَذِهِ القُرُونَ الطَّوِيلَةَ مَحْفُوظًا بِحِفْظِ اللهِ
تَعَالَى لَهُ، فَهُوَ مِنْ آيَاتِ اللهِ الظَّاهِرَةِ لِلْعَيَانِ، الدَّالَّةِ عَلَى صِدْقِ وَعْدِ اللهِ جَلَّ شَأْنُهُ.
إلى هنا ونكمل في الحلقة التالية والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .