أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة التاسعة والثلاثون في موضوع "الحفيظ "
نبذة عن الفيديو
بسم الله ، والحمد لله ،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد :
فهذه الحلقة التاسعة والثلاثون في موضوع (الحفيظ) والتي هي بعنوان :
*معنى اسم الله الحَافِظُ – الحَفِيظُ جَلَّ جَلالُهُ، وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ :
مَعْنَى الاسْمَينِ فِي حَقِّ الله تَعَالَى:
قَالَ الخَطَّابِيُّ: "هُوَ الحَافِظُ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٌ، كَالقَدِيرِ وَالعَلِيمِ، يَحْفَظُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا فِيهَا، لِتَبْقَى مُدَّةَ بَقَائِهَا، فَلَا تَزُولُ وَلَا تُدْثَرُ، كَقَوْلِهِ عز وجل: ﴿ وَلَا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا ﴾ [البقرة: 255].
وَقَالَ: ﴿ وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ ﴾ [الصافات: 7]، أَيْ: حَفِظْنَاهَا حِفْظًا وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَهُوَ الذِي يَحْفَظُ عَبْدَهُ مِنَ المَهَالِكِ وَالمَعَاطِبِ، وَيَقِيَهُ مَصَارِعَ السُّوُءِ كَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ﴾ [الرعد: 11]: أَيْ بِأَمْرِهِ.
وَيحْفَظُ عَلَى الخَلْقِ أَعْمَالَهُمْ، وَيُحْصِي عَلَيْهِم أَقْوَالَهُمْ، يَعْلَمُ نِيَّاتِهِم وَمَا تُكِنُّ صُدُورُهُم، وَلَا تَغِيبُ عَنْهُ غَائِبَةٌ، وَلَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ.
وَيَحْفَظُ أَوْلِيَاءَهُ، فَيَعْصِمُهُم عَنْ مُوَاقَعَةِ الذُّنُوبِ، وَيحْرُسُهُمْ عَنْ مُكايَدةِ الشَّيْطَانِ، لِيَسْلَمُوا مِنْ شَرِّهِ، وَفِتْنَتِهِ"[ شأن الدعاء (ص: 67 - 68).]
وَقَالَ الحُلَيْمِيُّ: "(الحَافِظُ) وَمَعْنَاهُ: الصَّائِنُ عبْدَهُ عَنْ أَسْبَابِ الهَلَكَةِ فِي أُمُورِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ"[ المنهاج (1/ 204).]
قَالَ القُرْطُبِيُّ: "فَهَذَا الاِسْمُ يَكُونُ مِنْ أَوْصَافِ الذَّاتِ، وَمِنْ أَوْصَافِ الفِعْلِ.
فَإِذَا كَانَ مِنْ أَوْصَافِ الذَّاتِ فَيْرجِعُ إِلَى مَعْنَى (العَلِيمِ)؛ لِأَنَّهُ يَحْفَظُ بِعِلْمِهِ جَمِيعَ المَعْلُومَاتِ فَلَا يَغِيبُ عَنْهُ شَيءٌ مِنْهَا، كَمَا يُقَالُ: فُلَانٌ يَحْفَظُ القُرْآنَ:
أَيْ هُوَ حَاضِرٌ فِي قَلْبِهِ، وَفِي مُقَابَلَةِ هَذَا الحِفْظِ النِّسْيَانُ، وَعَلَى هَذَا
خَرَجَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ﴾ [مريم: 64]، وَقَوْلُهُ:
﴿ قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى ﴾ [طه: 52].
وَإِذَا كَانَ مِنْ صِفَاتِ الفِعْلِ فَيرْجِعُ إِلَى حِفْظِهِ لِلْوُجُودِ، وَضِدُّ هَذَا الحِفْظِ الإِهْمَالُ، وَعَلَى هَذَا خَرَجَ قَوْلُهُ تَعَالَى:﴿فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا﴾[يوسف: 64]".
وَقَالَ: "وَالحِفْظُ أَيْضًا قَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الجَمْعِ وَالوَعْيِ، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: حَفِظْتُ القُرْآنَ: أَيْ جَمَعْتُهُ إِذَا قَرَأْتُهُ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ، وَحَفِظْتُ المَتَاعَ إِذَا جَمَعْتُهُ فِي الوِعَاءِ، وَالوَعْيُ وَالجَمْعُ حِرَاسَةٌ فَاعْلَمْ.
وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى المُرَاقَبَةِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ
أَوْلِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ ﴾ [الشورى: 6].
وَقَدْ يَكُونُ الحِفْظُ بِمَعْنَى الأَمَانَةِ، وَمِنْهُ قَوْلُ يُوُسُفَ: ﴿ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ﴾ [يوسف: 55]، أَيْ: جَمُوعٌ لِمَا يَكُونُ فِي الخَزَائِنِ مِنْ مَظَانِّ حُقُوقِهَا، مَنُوعٌ لَهَا مِنْ غَيْرِ وَاجِبِهَا.
وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الإِحْصَاءِ عَدَدًا وَعِلْمًا"[ الكتاب الأسنى (ورقة 336).]
وَقَالَ ابْنُ القَيِّمِ فِي نُونِيَّتِهِ :
وَهُوَ الحَفِيظُ عَلَيْهِمُ وَهُوَ الكَفِيـ ***لُ بِحِفْظِهِم مِنْ كُلِّ أَمْرٍ عَانِ [النونية (2/ 228).]
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ السَّعْدِيُّ: "(الحَفِيظُ): الذِي حَفِظَ مَا خَلَقَهُ، وَأَحَاطَ عِلْمُهُ بِمَا أَوْجَدَهُ، وَحَفِظَ أَوْلِيَاءَهُ مِنْ وُقُوعِهِم فِي الذُّنُوبِ وَالهَلَكَاتِ، وَلَطُفَ بِهِم فِي الحَرَكَاتِ وَالسَّكَنَاتِ، وَأَحْصَى عَلَى العِبَادِ أَعْمَالَهُم وَجَزَاءَهَا
[تيسير الكريم (5/ 301 - 302).]
إلى هنا ونكمل في الحلقة التالية والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .