أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة السابعة والثلاثون في موضوع "الحفيظ "
نبذة عن الفيديو
بسم الله ، والحمد لله ،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد :
فهذه الحلقة السابعة والثلاثون في موضوع (الحفيظ) والتي هي بعنوان :
*معنى اسم الله الحَافِظُ – الحَفِيظُ جَلَّ جَلالُهُ، وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ :
فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ هُوَ الحَافِظُ لِجَمِيعِ المُمْكِنَاتِ وَالحَفِيظُ، وَأَعْظَمُ الحِفْظِ حِفْظُ القُلُوبِ، وَحِرَاسَةُ الدِّينِ عَنِ الكُفْرِ وَالنِّفَاقِ، وَأَنْوَاعِ الفِتَنِ، وَفُنُونِ الأَهْوَاءِ وَالبِدَعِ حَتَّى لَا يَزِلَّ عَنِ
الطَّرِيقَةِ المُثْلَى.
قَالَ اللهُ العَظِيمُ: ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ﴾ [إبراهيم: 27]، لَا الحِفْظَ مِنْ بَلَايَا الأَمْرَاضِ وَالأَوْصَابِ، وَالبَلَايَا النَّازِلَةِ بِالمَالِ وَالوَلَدِ، فَإِنَّ هَذَا يُؤَدِّي إِلَى الجَنَّةِ، وَالأَوَّلُ يُؤَدِّي إِلَى النَّارِ، وَلَقَدْ أَحْسَنَ القَائِلُ:
فِي كُلِّ بَلْوَى تُصِيبُ العَبْدَ عَافِيَةٌ ***** إِلَّا البَلَاءَ الذِي يُودِي إِلَى النَّارِ
ذَاكَ البَلَاءُ الذِي مَا فِيهِ عَافِيَةٌ ********مِنَ البَلَاءِ وَلَا سِتْرٌ مِنَ العَارِ
وَيَجِبُ عَلَيهِ حِفْظُ حُدُودِهِ، وَحِفْظُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ حُقُوقِهِ، فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَعْرِفَةُ الإِيْمَانِ وَالإِسْلاَمِ وَسَائِرِ مَا يَتَعَيَّنُ عِلَيْهِ عِلْمُهُ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ حِفْظُ مَا اسْتَحْفَظَهُ اللهُ إِيَّاهُ بِحُسْنِ الرِّعَايَةِ لَهُ وَالقِيَامِ عَلَيْهِ، وَيُقَالُ: مَنْ حَفِظَ للهِ جَوَارِحَهُ حَفِظَ اللهُ عَلَيْهِ قَلْبَهُ، وَمَنْ حَفِظَ للهِ حَقَّهُ حَفِظَ اللهُ حَظَّهُ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يَا بُنَيِّ احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ"[ صحيح: أخرجه الترمذي (2516) في صفة القيامة، باب: رقم (22)، وأحمد في مسنده (1/ 293)، وقال الألباني في صحيح سُنن الترمذي: صحيح.]، وَسَيَأْتِي بِكَمَالِهِ، وَذَكَرَ القُشَيْرِيُّ: سَمِعْتُ الشَّيْخَ أَبَا عَلِيٍّ الدَّقَّاقَ رحمه الله يَقُولُ: وَرِثَ بَعْضُ الصَّالِحِينَ عَنْ مَوْرُوثٍ لَهُ عَشْرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَقَالَ إِلَهِي إِنِّي مُحْتَاجٌ إِلَى هَذِهِ الدَّرَاهِمِ، ولكنِّي لستُ أُحْسِنُ حِفظَها؛ فأدفعَها إليك لتُردَّها عليَّ وقت حاجتي، وتصدَّق بتلك الدراهمِ وَلَزِمَ الفَقْرَ، قَالَ: فَمَا احْتَاجَ ذَلِكَ الرَّجُلُ قَطُّ طُولَ حَيَاتِهِ إِلَى شَيءٍ، فَكَانَ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا فَتَحَ اللهُ لَهُ فِي الوَقْتِ، وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ الصَّالِحِينَ أَنَّهُ وَقَعَ بَصَرُهُ يَوْمًا عَلَى مَحْظُورٍ فَقَالَ: إِلَهِي إِنَّمَا أَرُدُّ بَصَرِي هَذَا لأَجْلِكَ، فَإِذَا صَارَ سَبَبًا لِمُخَالَفَةِ أَمْرِكَ فَاسْلُبْنِيهِ، قَالَ: فَعَمِيَ الرَّجُلُ، قَالَ: وَكَانَ يَقُومُ بِاللَّيْلِ وَيُصَلِّي، فَغَابَ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي مَنْ كَانَ يُعِينُهُ عَلَى الطَّهَارَةِ فَقَالَ: إِلَهِي إِنَّمَا قُلْتُ خُذْ بَصَرِي لأِجْلِكَ، فَاللَّيْلَةَ أحْتَاجُ إِلَيْهِ لأِجْلِكَ فَرُدَّهُ عَلَيَّ، قَالَ: فَرَدَّ اللهُ عَلَيْهِ بَصَرَهُ وَصَارَ يُبْصِرُ بَعْدَ العَمَى، وَيُحْكَى أَنَّ اللِّصَّ دَخَلَ دَارَ رَابِعَةَ العَدَوِيَّةِ وَكَانَ النَّوْمُ أَخَذَهَا، فَأَخَذَ اللِّصُّ المُلَاءَةَ فَخَفِىَ عَلَيْهِ بَابُ الحُجْرَةِ، فَوَضعَ المُلَاءَةَ فَأَبْصَرَ البَابَ، فَرَفَعَ المُلَاءَةَ ثَانِيًا فَخَفِيَ عَلِيْهِ البَابُ، وَلَمْ يَزَلْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مَرَّاتٍ، فَهَتَفَ هَاتِفٌ: ضَعْ المُلَاءَةَ فَإِنَّا نَحْفَظُهَا لَهَا وَلَا نَدَعُهَا وَإِنْ كَانَتْ نَائِمَةً، فَهَذَا تَحْقِيقُ الحِفْظِ[ الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى للقرطبي (1/ 313).
إلى هنا ونكمل في الحلقة التالية والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .