أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الثانية والعشرون في موضوع "العدل "
نبذة عن الفيديو
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثانية والعشرون في موضوع (العدل) والتي هي بعنوان : *إذا لم يعدل الله ورسوله فمن يعدل؟ : أخرج البخاري ومسلم بسنديهما من حديث أبي وائل عن عبد الله رضي الله عنه قال: لما كان يوم حنين آثر النبي صلى الله عليه وسلم أناسا في القسمة فأعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل وأعطى عيينة مثل ذلك وأعطى أناسا من أشراف العرب فآثرهم يومئذ في القسمة، قال رجل: والله إن هذه القسمة ما عدل فيها وما أريد بها وجه الله، فقلت: والله لأخبرن النبي صلى الله عليه وسلم فأتيته فأخبرته فقال: ( فمن يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله رحم الله موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر ) . *عدل الصيام : أخرج البخاري بسنده من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: أُخبِرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّي أقول " والله لأصومنّ النهار ولأقومنّ الليل ما عشت، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أنت الذي تقول والله لأصومنّ النهار ولأقومنّ الليل ما عشت؟ ) قلت: قد قلته ، قال: ( إنك لا تستطيع ذلك فصم وأفطر وقم ونم وصم من الشهر ثلاثة أيام فإن الحسنة بعشر أمثالها وذلك مثل صيام الدهر ) فقلت: إني أطيق أفضل من ذلك يا رسول الله قال: ( فصم يوما وأفطر يومين ) قال: قلت: إني أُطيقُ أفضل من ذلك، قال:( فصم يوما وأفطر يوما وذلك صيام داود وهو عدل الصيام ) قلت: إني أُطيقُ أفضل منه يا رسول الله، قال: ( لا أفضل من ذلك ) *العدل يوم القيامة أن يوالي كل إنسان ما كان يعبد في الدنيا : أخرج الحاكم بسنده من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:( يجمع الله الناس يوم القيامة فينادى مناد يا أيها الناس ألم ترضوا من ربكم الذي خلقكم وصوركم ورزقكم أن يوالي كل إنسان ما كان يعبد في الدنيا ويتولى أليس ذلك عدل من ربكم قالوا بلى قال فينطلق كل إنسان منكم إلى ما كان يتولى في الدنيا ويمثل لهم ما كانوا يعبدون في الدنيا ... ) الحديث . *الله عدل في قضائه : أخرج الحاكم بسنده من حديث القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما قال عبد قط إذا أصابه هم أو حُزن اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل فيّ قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور بصري وجلاء حزني وذهاب همي وإلا أذهب الله همه وأبدله مكان حزنه فرحا ) قالوا: يا رسول الله ينبغي لنا أن نتعلم هذه الكلمات؟ قال: ( أجل ينبغي لمن سمعهنّ أن يتعلمهنّ ) . قال ابن القيم:دلّ هذا الحديث الصحيح على أمور منها: أنه استوعب أقسام المكروه الواردة على القلب؛ فالهم يكون على مكروه يتوقع في المستقبل يهتم به القلب، والحزن على مكروه ماض من فوات محبوب أو حصول مكروه إذا تذكره أحدث له حزنا، والغم يكون على مكروه حاصل في الحال يوجب لصاحبه الغم فهذه المكروهات هي من أعظم أمراض القلب وأدوائه، وقد تنوع الناس في طرق أدويتها والخلاص منها وتباينت طرقهم في ذلك تباينا لا يحصيه إلا الله، بل كل أحد يسعى في التخلص منها بما يظن أو يتوهم أنه يخلصه منها، وأكثر الطرق والأدوية التي يستعملها الناس في الخلاص منها لا يزيدها إلا شدة لمن يتداوى منها بالمعاصي على اختلافها من أكبر كبائرها إلى أصغرها وكمن يتداوى منها باللهو واللعب والغناء وسماع الأصوات المطربة وغير ذلك فأكثر سعي بني آدم أو كله إنما هو لدفع هذه الأمور والتخلص منها وكلهم قد أخطأ الطريق إلا من سعى في إزالتها بالدواء الذي وصفه الله لإزالتها وهو دواء مركب من مجموع أمور متى نقص منها جزء نقص من الشفاء بقدره وأعظم أجزاء هذا الدواء هو التوحيد والاستغفار قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﳙ ﳚ ﳛ ﳜ ﳝ ﳞ ﳟ ﳠ ﳡ ﳢﳣ ﱠ محمد: ١٩ وفي الحديث عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( عليكم بلا إله إلا الله والاستغفار فأكثروا منهما فإن إبليس قال: أهلكت الناس بالذنوب وأهلكوني بلا إله إلا الله والاستغفار فلما رأيت ذلك أهلكتهم بالأهواء وهم يحسبون أنهم مهتدون ) . ولذلك كان الدعاء المفرج للكرب محض التوحيد وهو ( لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش العظيم لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض رب العرش الكريم )، وفي الترمذي وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( دعوة أخي ذي النون ما دعا بها مكروب إلا فرج الله كربه [ لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ] ). فالتوحيد يدخل العبد على الله، والاستغفار والتوبة يرفع المانع ويزيل الحجاب الذي يحجب القلب عن الوصول إليه؛ فإذا وصل القلب إليه زال عنه همه وغمه وحزنه، وإذا انقطع عنه حصرته الهموم والغموم والأحزان وأتته من كل طريق ودخلت عليه من كل باب، فلذلك صدر هذا الدعاء المذهب للهم والغم والحزن بالاعتراف له بالعبودية حقا منه ومن آياته، وثم أتبع ذلك باعترافه بأنه في قبضته وملكه وتحت تصرفه بكون ناصيته في يده يصرفه كيف يشاء كما يقاد من أمسك بناصيته شديد القوى لا يستطيع إلا القياد له، ثم اتبع ذلك بإقراره له بنفاذ حكمه فيه وجريانه عليه شاء أم أبى وإذا حكم فيه بحكم لم يستطع غيره برده أبدا وهذا اعتراف لربه بكمال القدرة عليه واعتراف من نفسه بغاية العجز الضعف فكأنه قال: أنا عبد ضعيف مسكين يحكم فيه قوي قاهر غالب وإذا حكم فيه بحكم مضى حكمه فيه ولا بد، ثم اتبع ذلك باعترافه بأن كل حكم وكل قضية ينفذها فيه هذا الحاكم فهي عدل محض منه لا جور فيها ولا ظلم بوجه من الوجوه فقال: ( ماض فيّ حكمك عدل فيّ قضائك ) وهذا يعم جميع أقضيته سبحانه في عبده، قضائه السابق فيه قبل إيجاده، وقضائه فيه المقارن لحياته، وقضائه فيه بعد مماته، وقضائه فيه يوم معاده، ويتناول قضاءه فيه بالذنب وقضائه فيه بالجزاء عليه، ومن لم يثلج صدره لهذا ويكون له كالعلم الضروري لم يعرف ربه وكماله ونفسه وعينه ولا عدل في حكمه بل هو جهول ظلوم فلا علم ولا إنصاف ... قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱠ هود: ٥٦ فقوله: ﱡ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩﱪ ﱠ مثل قوله: ( ناصيتي بيدك ماض فيّ حكمك ) وقوله: ﱡ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱠ مثل قوله ( عدل فيّ قضائك ) أي لا يتصرف في تلك النواصي إلا بالعدل والحكمة والمصلحة والرحمة لا يظلم أصحابها ولا يعاقبهم بما لم يعلموه ولا يهضمهم حسنات ما عملوه فهو سبحانه على صراط مستقيم في قوله وفعله يقول الحق ويفعل الخير والرشد . وقد بيّن أن كل قضائه في عبده عدل ولهذا يقال كل نعمة منه فضل وكل نقمة منه عدل ويقال أطعتك بفضلك والمنة لك وعصيتك بعلمك أو بعدلك والحجة لك فأسألك بوجوب حجتك عليّ وانقطاع حجتي إلا ما غفرت لي . *الإمام العادل لا ترد دعوته : أخرج ابن خزيمة بسنده من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ثلاثة لا ترد دعوتهم الصائم حتى يفطر، وإمام عادل، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام ويفتح لها أبواب السماوات فيقول الرب عز وجل وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين ) . *لا نكاح إلى بولي وشاهدي عدل : أخرج الهيثمي بسنده من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل وما كان من نكاح على غير ذلك فهو باطل فإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له ) . هذا ما تيسر لي أن أجمعه وأسطره في هذا البحث المهم، وقد اجتهدت وسعي، إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان وأستغفر الله من كل ذنب وخطيئة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.