أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة السادسة في موضوع "العدل "

نبذة عن الفيديو

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السادسة في موضوع (العدل) والتي هي بعنوان :*الله هو العدل : إن الظلم وضع الشيء في غير موضعه والعدل وضع كل شيء في موضعه وهو سبحانه [ حكم عدل ] يضع الأشياء مواضعها ولا يضع شيئا إلا في موضعه الذي يناسبه وتقتضيه الحكمة والعدل ولا يفرق بين متماثلين ولا يسوي بين مختلفين ولا يعاقب إلا من يستحق العقوبة فيضعها موضعها لما في ذلك من الحكمة والعدل. وأما أهل البر والتقوى فلا يعاقبهم البتة قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﱠ القلم: ٣٥ – ٣٦ وقال تعالى: ﱡﭐ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱠ ص: ٢٨ وأهل السنة أثبتوا ما أثبته لنفسه له الملك وله الحمد فهو على كل شيء قدير وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن وهو خالق كل شيء، وهو عادل في كل ما خلقه واضع للأشياء مواضعها وهو قادر على أن يظلم لكنه سبحانه منزه عن ذلك لا يفعله لأنه السلام القدوس المستحق للتنزيه عن السوء وهو سبحانه سبوح قدوس يسبح له ما في السماوات والأرض وسبحان الله: هي كلمة يعظم بها الرب ويحاشى بها من السوء. وكذلك قال ابن عباس وغير واحد من السلف إنها تنزيه الله من السوء وقال قتادة في اسمه المتكبر إنه الذي تكبر عن السوء وعنه أيضا إنه الذي تكبر عن السيئات. فهو سبحانه منزه عن فعل القبائح لا يفعل السوء ولا السيئات مع أنه سبحانه خالق كل شيء أفعال العباد وغيرها والعبد إذا فعل القبيح المنهي عنه كان قد فعل سوءا وظلما وقبيحا وشرا والرب قد جعله فاعلا لذلك الذي خلقه لها هو محمود عليه وهو منه عدل وحكمة وصواب وإن كان في المخلوق عيبا ومثل هذا مفعول في الفاعلين المخلوقين فإن الصانع إذا أخذ الخشبة المعوجة والحجر الردي واللبنة الناقصة فوضعها في موضع يليق بها ويناسبها كان ذلك منه عدلا واستقامة وصوابا وهو محمود وإن كان في تلك عوج وعيب هي به مذمومة ومن أخذ الخبائث فجعلها في المحل الذي يليق بها كان ذلك حكمة وعدلا وإنما السفه والظلم أن يضعها في غير موضعها ومن وضع العمامة على الرأس والنعلين في الرجلين فقد وضع كل شيء موضعه ولم يظلم النعلين إذ هذا محلهما المناسب لهما فهو سبحانه لا يضع شيئا إلا موضعه فلا يكون إلا عدلا ولا يفعل إلا خيرا فلا يكون إلا محسنا جوادا رحيما، وهو سبحانه له الخلق والأمر فكما أنه في أمره لا يأمر إلا بأرجح الأمرين ويأمر بتحصيل المصالح وتكميلها وبتعطيل المفاسد وتقليلها وإذا تعارض أمران رجح أحسنهما وليس في الشريعة أمر بفعل إلا ووجوده للمأمور خير من عدمه ولا نهي عن فعل إلا وعدمه خير من وجوده وهو فيما يأمر به قد أراده إرادة دينية شرعية وأحبه ورضيه فلا يحب ويرضى شيئا إلا ووجوده خير من عدمه ولهذا أمر عباده أن يأخذوا بأحسن ما أنزل إليهم من ربهم فإن الأحسن هو المأمور به وهو خير من المنهي عنه . وقال ابن القيم: والله سبحانه حي قادر متكلم يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم وهذا وصف له بغاية الكمال والحمد فإن أمره بالعدل وهو الحق يتضمن أنه سبحانه عالم به معَلِّم له راض آمرٌ لعباده به محب لأهله لا يأمر بسواه بل تَنَرَّهّ عن ضده الذي هو الجَور والظلم والسفه والباطل بل أمره وشرعه عدل كله وأهل العدل هم أولياؤه وأحباؤه وهم المجاورون له عن يمينه على منابر من نور وأمره بالعدل يتناول الأمر الشرعي الديني والأمر القَدَرِيّ الكوني وكلاهما عدلٌ لا جَور فيه بوجهٍ ما كما في الحديث الصحيح: ( اللهم إني عبدك بن عبدك بن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل فيّ قضاؤك ... ) الحديث فقضاؤه هو أمره الكوني فإنما أمْرُهُ إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون فلا يأمر إلا بحق وعدل وقضاؤه وقدره القائم به حق وعدل ... وفي الصحيحين عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يمين الله ملأى لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض فإنه لم يغض ما فيه يمينه والقسط بيده الأخرى يرفع ويخفض ) . فبين صلى الله عليه وسلم أن الفضل بيده اليمنى والعدل بيده الأخرى ومعلوم أنه مع أن كلتا يديه يمين فالفضل أعلى من العدل وهو سبحانه كل رحمة منه فضل وكل نقمة منه عدل، ورحمته أفضل من نقمته ولهذا كان المقسطون على منابر من نور عن يمين الرحمن ولم يكونوا على يده الأخرى وجعلهم عن يمين الرحمن تفضيل لهم . فكما أن الخلق لا يخرج عن الحكمة فلم يخلق شيئا عبثا فكذلك لا يأمر ولا ينهى إلا بما هو عدل وحكمة وإحسان . إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم