أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الواحدة والستون في موضوع "الوارث "

نبذة عن الفيديو

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الواحدة والستون في موضوع (الوارث) وهي بعنوان : أُولَئِكَ هُمُ الوارِثُونَ وقال محمد الأمين الشنقيطي : قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الوارِثُونَ﴾ ﴿الَّذِينَ يَرِثُونَ الفِرْدَوْسَ هم فِيها خالِدُونَ﴾، ذَكَرَ - جَلَّ وعَلا - في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ: أنَّ المُؤْمِنِينَ المُتَّصِفِينَ بِالصِّفاتِ، الَّتِي قَدَّمْنا هُمُ الوارِثُونَ، وحَذَفَ مَفْعُولَ اسْمِ الفاعِلِ الَّذِي هو الوارِثُونَ؛ لِدَلالَةِ قَوْلِهِ: ﴿الَّذِينَ يَرِثُونَ الفِرْدَوْسَ﴾ [المؤمنون: ١١] عَلَيْهِ. والفِرْدَوْسُ: أعْلى الجَنَّةِ، وأوْسَطُها، ومِنهُ تُفَجَّرُ أنْهارُ الجَنَّةِ، وفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ - جَلَّ وعَلا -، وعَبَّرَ تَعالى عَنْ نَيْلِ الفِرْدَوْسِ هُنا باسِمِ الوِراثَةِ. وَقَدْ أوْضَحْنا مَعْنى الوِراثَةِ والآياتِ الدّالَّةِ عَلى ذَلِكَ المَعْنى؛ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿تِلْكَ الجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِن عِبادِنا مَن كانَ تَقِيًّا﴾ [مريم: ٦٣] وقَوْلِهِ: ﴿وَنُودُوا أنْ تِلْكُمُ الجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الأعراف: ٤٣] وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَقالُوا الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وعْدَهُ وأوْرَثَنا الأرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ﴾ الآيَةَ [الزمر: ٧٤] في سُورَةِ مَرْيَمَ في الكَلامِ عَلى قَوْلِهِ: ﴿تِلْكَ الجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِن عِبادِنا مَن كانَ تَقِيًّا﴾ [مريم: ٦٣] فَأغْنى ذَلِكَ عَنْ إعادَتِهِ هُنا، وقَرَأ هَذا الحَرْفَ: حَمْزَةُ والكِسائِيُّ: عَلى صَلاتِهِمْ بِغَيْرِ واوٍ، بِصِيغَةِ الإفْرادِ وقَرَأ الباقُونَ: عَلى صَلَواتِهِمْ [المؤمنون: ٩] بِالواوِ المَفْتُوحَةِ بِصِيغَةِ الجَمْعِ المُؤَنَّثِ السّالِمِ والمَعْنى واحِدٌ؛ لِأنَّ المُفْرَدَ الَّذِي هو اسْمُ جِنْسٍ، إذا أُضِيفَ إلى مَعْرِفَةٍ، كانَ صِيغَةَ عُمُومٍ كَما هو مَعْرُوفٌ في الأُصُولِ، وقَوْلُهُ هُنا: ﴿هم فِيها خالِدُونَ﴾، أيْ: بِلا انْقِطاعٍ أبَدًا، كَما قالَ تَعالى ﴿عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾ [هود: ١٠٨] أيْ: غَيْرَ مَقْطُوعٍ، وقالَ تَعالى: ﴿إنَّ هَذا لَرِزْقُنا ما لَهُ مِن نَفادٍ﴾ وقالَ تَعالى: ﴿ما عِنْدَكم يَنْفَدُ وما عِنْدَ اللَّهِ باقٍ﴾ [النحل: ٩٦] [ الأنترنت – موقع الباحث القرآن - أضواء البيان - محمد الأمين الشنقيطي ] وقال ابن عاشور : ﴿أُولَئِكَ هُمُ الوارِثُونَ﴾ ﴿الَّذِينَ يَرِثُونَ الفِرْدَوْسَ هم فِيها خالِدُونَ﴾ جِيءَ لَهم بِاسْمِ الإشارَةِ بَعْدَ أنْ أُجْرِيَتْ عَلَيْهِمُ الصِّفاتُ المُتَقَدِّمَةُ لِيُفِيدَ اسْمُ الإشارَةِ أنَّ جَدارَتَهم بِما سَيُذْكَرُ بَعْدَ اسْمِ الإشارَةِ حَصَلَتْ مِنَ اتِّصافِهِمْ بِتِلْكَ الصِّفاتِ عَلى نَحْوِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿أُولَئِكَ عَلى هُدًى مِن رَبِّهِمْ﴾ [البقرة: ٥] بَعْدَ قَوْلِهِ: ﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ٢] إلى آخِرِهِ في سُورَةِ البَقَرَةِ. والمَعْنى: أُولَئِكَ هُمُ الأحِقّاءُ بِأنْ يَكُونُوا الوارِثِينَ بِذَلِكَ. وتَوْسِيطُ ضَمِيرِ الفَصْلِ لِتَقْوِيَةِ الخَبَرِ عَنْهم بِذَلِكَ. وحُذِفَ مَعْمُولُ (الوارِثُونَ) لِيَحْصُلَ إبْهامٌ وإجْمالٌ فَيَتَرَقَّبُ السّامِعُ بَيانَهُ، فَبَيَّنَ بِقَوْلِهِ: ﴿الَّذِينَ يَرِثُونَ الفِرْدَوْسَ﴾ قَصْدًا لِتَفْخِيمِ هَذِهِ الوِراثَةِ. والإتْيانُ في البَيانِ بِاسْمِ المَوْصُولِ الَّذِي شَأْنُهُ أنْ يَكُونَ مَعْلُومًا لِلسّامِعِ بِمَضْمُونِ صِلَتِهِ إشارَةٌ إلى أنَّ تَعْرِيفَ (الوارِثُونَ) تَعْرِيفُ العَهْدِ كَأنَّهُ قِيلَ: هم أصْحابُ هَذا الوَصْفِ المَعْرُوفُونَ بِهِ. واسْتُعِيرَتِ الوِراثَةُ لِلِاسْتِحْقاقِ الثّابِتِ؛ لِأنَّ الإرْثَ أقْوى الأسْبابِ لِاسْتِحْقاقِ المالِ، قالَ تَعالى: ﴿وتِلْكَ الجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الزخرف: ٧٢] . والفِرْدَوْسُ: اسْمٌ مِن أسْماءِ الجَنَّةِ في مُصْطَلَحِ القُرْآنِ، أوْ مِن أسْماءِ أشْرَفِ جِهاتِ الجَنّاتِ. وأصْلُ الفِرْدَوْسِ: البُسْتانُ الواسِعُ الجامِعُ لِأصْنافِ الثَّمَرِ. وفي الحَدِيثِ أنَّ النَّبِيءَ ﷺ قالَ لِأُمِّ حارِثَةَ بْنِ سُراقَةَ لَمّا أصابَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ يَوْمَ بَدْرٍ فَقَتَلَهُ وقالَتْ أُمُّهُ: إنْ كانَ في الجَنَّةِ أصْبِرْ وأحْتَسِبْ. فَقالَ لَها: ويْحَكِ أهَبِلْتِ ؟ أوَجَنَّةٌ واحِدَةٌ هي ؟ إنَّها لَجِنانٍ كَثِيرَةٍ وإنَّهُ لَفي الفِرْدَوْسِ. وقَدْ ورَدَ في فَضْلِ هَذِهِ الآياتُ عَنْ عُمَرَ بْنَ الخَطّابِ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «أُنْزِلَ عَلَيَّ عَشْرُ آياتٍ مَن أقامَهُنَّ دَخَلَ الجَنَّةَ ثُمَّ قَرَأ ﴿قَدْ أفْلَحَ المُؤْمِنُونَ﴾ [المؤمنون: ١] حَتّى خَتَمَ عَشْرَ آياتٍ» . قالَ ابْنُ العَرَبِيِّ في العارِضَةِ: قَوْلُهُ (﴿الَّذِينَ يَرِثُونَ الفِرْدَوْسَ﴾) هي العاشِرَةُ. رَواهُ التِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ. [ الأنترنت – موقع الباحث القرآني - التحرير والتنوير — ابن عاشور ] إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته